الأحد، فبراير 07، 2010

تعلمت من الحج‎ ‎‏ - 2‏

النعمة التي لن نحصيها.

من مقاصد الحج العظيمة أن يتربى الناس على ترك الترفّه والتوسع في المباحات؛ ولذا يتخفف الحاج من ثيابه، إلا ثياب النسك؛ إزار ورداء مجردان، ليس فيهما زينة ولا تكلف.

وهو تذكير بالفقر المطلق للعبد، وخروجه من الدنيا كما دخلها أول مرة، بما يدعو إلى الاستعداد للقاء الله.

ومن هذا الباب -والله أعلم- جاء النهي عن التطيب، والأمر بترك الأظفار والشعر، وتجنب الوصال الجسدي مع المرأة بالجماع، و ترك دواعيه وأسبابه من عقد النكاح فما بعده..

الجسد الواحد .... بالسهر و الحمى.

كل حاج يحرص على طاعة الله -عز وجل- في هذه الحجة التي قد لا تتكرر ويُعظم شعائر الله وحرماته -سبحانه- ويحذر من خدش حجته، أو أن يكون عوناً للشيطان على نفوس إخوانه، يبذل لهم نداه ويكف عنهم أذاه، ويدعو ربه أن يؤلف بين قلـوب المسلمين، وأن يوحـد صفوفهم وأن يجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم.

بل الحاج يستشعر الانسجام مع الكون عندما يطيع الله -عز وجل-، ويُلبي، فيلبي الكون من حوله ويتحسس الارتباط الوثيق بين ظاهره وباطنه، فلا نفرة بين السر والعلانية، بل هو بكُليته يرجو رحمة ربه ويخشى عذابه، إلى غير ذلك من المعاني التي تتحقق بها الوحدة أتم تحقيق.

المملكة العربية السعودية:

القادم إلى بيت الله الحرام يتلذذ أكثر بعبق الماضي، وما يستهويه الكتل الخرسانية الصماء التي يشاهدها في البلد وهنا وهناك، يُريد أن يرى واقعًا يتناسب مع عظمة الكعبة و قدسيتها، سلوكيات و تصرفات تتوافق مع ما جاء في كتاب الله و في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدله على الله و تحثه على الالتزام بمنهجه سبحانه.

يؤذيه أن تقع عينه على المتبرجات والممثلات في أفلام وتمثيليات التليفزيون، يضيق صدره بالتعاملات الربوية في البنوك، لا يطيق التمسح بحلق الحديد وأحجار وأستار الكعبة، لا يكاد يصدق نفسه عندما يجد الفظاظة والغلظة والجفاء في التعامل، وكأنه أتى متسولاً.

أوزبــكــســتــان:

كم واحدا منا يعرف أن من الدول حديثة الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي المنفك - ست دول غالبيتها العظمى من المسلمين، و هي: أذربيجان، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، تركمانستان، أوزبكستان...؟!

يبلغ عدد سكان أوزبكستان خمسة وعشرين مليون نسمة: يشكل المسلمون فيها تسعين في المائة من السكان، وغالبيتهم العظمى من أهل السنة والجماعة، ولقد كانت أوزبكستان و لا تزال أكثر جمهوريات آسيا الوسطى حماساً للإسلام، فقد عُرِف أهلها منذ القِدم بحبهم للإسلام وللأمة الإسلامية، وأنجبت بعض علماء الإسلام العظام أمثال البخاري والترمذي والنّسفي والزمخشري.

و لذلك فهي تعاني كما يعاني المسلمون في كل بلاد الأرض من الحكومة الباطشة الدكتاتورية التي تنكل بالإسلاميين بشكل مستمر.. فالتعذيب صار طابعًا مؤسسًّا للدولة، و تعاني أوزبكستان كذلك من مشروعات تنصيرية مكثفة!!!

و على الرغم من ذلك فإن عدد المساجد في أوزبكستان في تزايد مستمر، و الجامعة الإسلامية في مدينة طشقند تعلم أبناء البلاد تعاليم الإسلام وتراثه، بالإضافة إلى وجود المدارس الإسلامية.. كما أن أعداد الدعاة الذين يخدمون دينهم ومجتمعهم في تزايد و الحمد لله..

و من بين آلاف الطلاب الأوزبكيين الذين يدرسون في الجامعات الإسلامية في مصر والسعودية وباكستان، التقيت رهطا من الإخوة الأوزبكيين الدارسين في الأزهر... التقيتهم في موسم الحج، و كانوا في غاية الأدب و الكرم و حب الإسلام و الأمة الإسلامية... فاللهم ألف بين قلوب المسلمين و وحد كلمتهم و انصرهم على القوم الكافرين.

__________________

المرجع: رسالة "افعل ولا حرج" – للشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة. (باختصار و تصرف يسير).

المرجع: مقالات في الحج  – للشيخ الدكتور سعيد عبد العظيم. (باختصار و تصرف يسير).

المرجع: مقالات عن أوزبكستان من مصادر متنوعة...