الثلاثاء، فبراير 26، 2008

حوار مع يساري مسلم... بالعقل كدا 4

يساري مسلم:

دعنا لا نتحدث إلا عن فكر لفكر ورأي لرأي دون أن نفترض غربنة للأفكار أو علمنة أو حتى أسلمة؛ كي يكون الحوار من منطلقاتنا نحن وكل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب المقام عليه الصلاة والسلام...

قلت وما زلت عند رأيي: إن هذه أحاديث سياسية لم يقلها النبي، جاءت في عصور الفتن وسيقت لدرء الفتنة أو لاتخاذ موقف سلبي تجاهها .. وقبل أن تغضب من قولي دعني أوضح لك أنني لا أضع قدسية لأحد لا البخاري ولا مسلم ولا غيره .. فقط الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي إذا قضى أمرا ومن قبله ربه العزة أطيع وأنا صاغر....
لذلك يا أخي إذا كان البخاري دوّن هذه الأحاديث أو غيرها ووجدتها تخالف كتاب الله والفطرة السوية أرفضها رفضا باتاً...
فقول جلد ظهري وأخذ مالي من أعطاه هذا الحق...؟!!
قل لي بالله عليه أستحلفك بالله .. أهذا هو الدين الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور ... وقلب موازين الجاهلية... وعذب فيه بلال من أجل لا اله الا الله وهو يقول أحد أحد...
يأتي حديث فيقول يسلب مالي ويجلد ظهري... وتطالبني أن أصدق أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي غضب واحمر وجهه حين رأى أحدهم يضرب عبداً له وقال له: إن لم تفعل للفحتك النار ... أي إذا لم تعـتقه ...
ودخلت امرأة النار في هرة...
ودخلت بغيّ الجنة في كلب...
هذه هي روح الدين، أما أن يجلد ظهري فأسمع وأطيع؟!! ... الله الله الله
إذا كان الحاكم كافرا ولم يفعل ذلك بل حافظ عليها أأعصيه؟!! ..
أي قلب للفطرة هذا؟!!...
بصدق أدعوك للتدبر في قولي دون التشبث الجامد بمرويات ودون الخوض هل البخاري كذا ومسلم كذا والعلماء كذا ليس لي دخل في كذا وكذا ولا وجدنا آباءنا على أمة ..
أنا أتعامل مع كتاب الله الحق والفطرة السوية وأقوال النبي السمحة...

مسلم أصولي:

النقطة الأولى: يا فلان يا أخويا ... من الواضح أن المشكلة الأساسية أنك تتعجل في فهم النصوص باتباع الظن ثم تبني على فهمك نتائج تريد إلزام الناس بها، و نبذ دينهم و سنة نبيهم الصحيحة الثابتة من أجلها. و كان لزاما عليك لتعرف المراد من هذا الحديث و أمثاله أن تتبين و تتثبت و ترجع إلى مصادر العلم، و تسأل أهل الذكر، و لا تتسرع في القول بالرأي و الهوى و التي تزعم فيها أن عقلك البسيط يحكم على النصوص الشرعية القطعية الثبوت ...
من عدة كتب .. جمعت لك المراد من هذا الحديث على أرجح الأقوال:

مسلم أصولي:

الشرح على أول القولين: أن الروايتين تتحدثان عن جو الفتن و الحرب الداخلية، و ضياع الوحدة الإسلامية لذا جاء التشدد في الحديث على السمع و الطَّاعة للأمير لتلافي مزيد من الفرقة و التمزق و ضياع الأمن، و هذا ظاهر من قول الراوي و جواب الرسول صلى الله عليه وسلم، ففى الحديث إشارة إلى الثورات المغرضة التى يراد بها المصلحة الشخصية لا العامة، و فيه أمر بعدم الاشتراك فيها ....
فواضح أن القصد من هذه الأحاديث ترغيب المسلمين على الاجتماع على أمير واحد، و ذمّ و رفض من يدّعي الإمارة لنفسه و ينافس بها الأمير الأعظم حسب تعبير الحديث، و ليس المقصود طاعتهم في الظُّلم و الجور أو السكوت عليهم إذا ما زاغوا عن الطريق لأنه معلوم أنه لا طاعة في معصية، و الظُّلم أم المعاصي و السكوت عن الظُّلم ظلم و معصية.

مسلم أصولي:

الشرح على ثاني القولين: أن وصية النبي صلى الله عليه وسلم واضحة بالسمع والطاعة لولاة الأمور، والسمع والطاعة لهم واجب بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) (النساء: الآية59) فجعل طاعة أولي الأمر في المرتبة الثالثة ولكنه لم يأت بالفعل (أطيعوا) لأن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا لو أمر ولاة الأمور بمعصية الله عز وجل فلا سمع و لا طاعة.
و ظاهر الحديث وجوب السمع والطاعة لولي الأمر -وإن كان هو يعصي الله عز وجل­- إذا لم يأمرك أنت بمعصية الله عز وجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك" وضرب الظهر وأخذ المال بلا سبب شرعي معصية لا شك، فلا يقول الإنسان لولي الأمر: أنا لا أطيعك حتى تطيع ربك، فهذا حرام، بل يجب أن يطيعه وإن لم يطع ربه.
أما لو أمر بالمعصية فلا سمع ولا طاعة، لأن رب ولي الأمر ورب الرعية واحد عز وجل، فكلهم يجب أن يخضعوا له عز وجل، فإذا أمرنا بمعصية الله قلنا: لا سمع ولا طاعة.

مسلم أصولي:

فالقاعدة والأصل المُجمع عليه أن الطَّاعة الواجبة في الشرع هي لأولي الأمر من الأئمة (الخلفاء)، ونوابهم من السلاطين وأمراء الجيوش والولاة وكلها مقيدة بالمعروف (من الواجب والمباح) دون المحظور. وأما طاعة المتغلبين (الإمام المتغلب هو: الذي يصير إماما بالتغلب على الآخرين و ينفذ الحكم و القهر بدون مبايعة أو استخلاف) فهي للضرورة و تقدر بقدرها بحسب المصلحة، ويجب إزالتها عند الإمكان من غير فتنة ترجح مفسدتها على المصلحة، فطاعة ولي الأمر واجبة على المسلمين.
...
أما ما المساحة التي تشملها تلك الطَّاعة؟ فذلك مدار البحث هنا.

مسلم أصولي:

وقد رسم القرآن الكريم و السنة النبوية الصحيحة بوضوح حدود تلك الطَّاعة، و حددها بدائرة المعروف، فما خرج من دائرة المعروف لم تكن الرَّعيَّة ملزمة بالأخذ به، وهذا الأمر واضح وصريح في صيغة بيعة المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم في العقبة كما جاءت في كتب الحديث ومنها صحيح البخاري وكان من شروطها ما جاء في قوله تعالى: (و لا يعصينك في معروف)، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليصدر عنه إلا المعروف. فجاء ذلك من باب التأكيد لبيان أنه لا طاعة في المعصية مهما علت درجة الآمر. فإذا كان الحال هكذا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره من أولي الأمر؟.
و قال أيضا: (السمع والطَّاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) رواه البخاري.

يا ترى ما رأيكم في رد الأصولي على اليساري؟؟!! بل انتظروا قليلا لأن رده لم ينته بعد!

و هذا ما سنعرفه و غيره إن شاء الله .. في الحلقة القادمة.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

حوار مع يساري مسلم... بالعقل كدا 1 ، 2 ، 3

الأحد، فبراير 24، 2008

سان استيفانو .....الدولة العثمانية 1

كثيرا ما تقرأ كلمة السنن وتكرارها وكثيرا ما تسمع احدهم يخبرك ان تتعظ وتتعلم من قراءة التاريخ وهو اسلوب القرآن في العظة مما حدث مع الأمم السابقة وهيجي واحد يقولي طب ندرس تاريخ الدولة العثمانية ليه ؟ هقوله لانها كانت دولة من أقوي دول العالم وكانت تحكم أغلب اوروبا وافريقيا واسيا ولولا تكالب الاعداء عليها والمساعدة التي حصلوا عليها من داخل الدولة لكانت ما تزال تلك الدولة تحكم اغلبية الكرة الارضية فقد كانت الدول الغربية تحتج بمبدأ حقوق الأقليات وما الي ذلك مما قد تسمعه اليوم للتدخل في شئون الدولة العثمانية
قامت روسيا بإثارة إمارتي الصرب والجبل الأسود ضد الدولة العثمانية، ووعدتهما بأنهما إذا أعلنتا الحرب على الدولة العثمانية وانتصرتا عليها تدخلت هي بجيوشها للإجهاز على الدولة العثمانية، وأنه إذا انتصرت الدولة العثمانية على الإمارتين تدخلت روسيا لوقف هذا الانتصار ومساعدة الإمارتين. وذلك من أجل القضاء علي الدولة العثمانية.
استعدت إمارتا الصرب والجبل الأسود لحرب الدولة العثمانية من خلال شراء السلاح وحشد القوات العسكرية وتدريبها، وساندتهما روسيا بإرسال الجنرال "تشرنايف" أحد أشهر قوادها ليقود زمام الجيوش في تلك الحرب المرتقبة، وكان برفقته عدد من الضباط الروس الذين تم إقالتهم من الجيش مؤقتا حتى يُتاح لهم الذهاب لقتال العثمانيين تحت راية الجيش الصربي.
وأمام هذا الموقف جمعت الدولة العثمانية جيشا من أربعين ألف مقاتل واستعدت لمواجهة الصرب إذا تعدوا الحدود، ووقعت الحرب بين الطرفين في (9 من جمادى الآخرة 1293 هـ=1 من يوليو 1876م) وصمتت الدول الأوربية عن إدانة العدوان الصربي على الدولة العثمانية .
ونشبت الحرب الروسية- العثمانية، المعروفة بـ"حرب 93" التي بدأت في (11 من ربيع الآخر 1294 هـ= 24 إبريل 1877م)، وكانت أكبر حرب عالمية جرت في تلك الفترة.
وقد حاربت الدولة العثمانية في هذه الحرب كلا من روسيا، ورومانيا التي أمدت الروس بمائة ألف مقاتل؛ رغم العداء المعروف بين الجانبين، وحقق الروس انتصارات في البلقان رغم الدفاع البطولي الذي أبداه العثمانيون، وفتحت هذه الانتصارات شهية الروس لمحاولة القضاء على الدولة العثمانية؛ فتحركت القوات الروسية صوب العاصمة "إستانبول"، ووقفت على بعد خمسين كيلومترا منها، ووقعت معارك بين الروس والعثمانيين في آسيا، واستطاع الروس الوصول إلى الأناضول.
وأمام تلك الهزائم الكبيرة والمتلاحقة اضطر العثمانيون لتوقيع معاهدة "سان إستيفانو" (وهي ضاحية من ضواحي إستانبول على الضفة الأوربية من بحر مرمرة) التي وقعها عن الجانب العثماني "صفوت باشا" وهو يبكي.

بنود سان إستيفانو:
أرادت روسيا المنتصرة أن تملي شروطها على الدولة العثمانية المغلوبة في معاهدة "سان إستيفانو"، وتكونت هذه المعاهدة من 29 مادة، ومنها كالتالي
- تعيين حدود للجبل الأسود لإنهاء الصراع، مع حصولها على الاستقلال.
- حصول إمارة الصرب على استقلالها، مع إضافة بعض الأراضي الجديدة إليها.
- حصول بلغاريا على استقلال ذاتي إداري، مع دفع بلغاريا مبلغا من المال سنويا للدولة العثمانية، ويكون موظفو الدولة في بلغاريا والجند من النصارى فقط، ويخلي العثمانيون جنودهم منها نهائيا.
- حصول رومانيا على استقلالها التام.
- يتعهد الباب العالي بحماية الأرمن والنصارى من الأكراد والشركس.
- يقوم الباب العالي بإصلاح أوضاع النصارى في جزيرة كريت.
- تدفع الدولة العثمانية غرامة حربية قدرها 250 مليون ليرة ذهبية لروسيا، ويمكن لروسيا أن تتسلم أراضي بدلا من هذه الغرامة.
- تبقى مضايق البوسفور والدردنيل مفتوحة لروسيا وقت السلم والحرب.
- يمكن لمسلمي بلغاريا أن يهاجروا حيث يريدون في الدولة العثمانية.
وقد حال السلطان "عبد الحميد" دون إعطاء روسيا 6 بوارج بحرية من أحدث سفن الأسطول العثماني كجزء من الغرامات لروسيا.

وتلاحظ أن هذا يعتبر اقتطاعا كبيرا من أراضي الدولة العثمانية حيث تخسر الدولة معظم ما لديها من أراضي في أوروبا باستثناء بعض المناطق القليلة غير المتصلة، والضعيفة من الناحية الإستراتيجية، كما أن نمو بلغاريا وتوسيع مساحتها يعني التأثير على مدينة "الآستانة" من الناحية الإستراتيجية حيث تحيط بلغاريا بكثير من جوانبها، إضافة إلى أن اشتراط المعاهدة بقاء قوات روسية في بلغاريا لمدة سنتين يعني أن عوامل الخطر تحيط بالدولة العثمانية، كما أن عملية البتر التي تمت لبعض المناطق من جسد الدولة العثمانية في أوربا كان يعني أن تنسلخ هذه المناطق بما فيها من مسلمين لتنضم إلى كيانات معادية لهؤلاء المسلمين.

وأدرك السلطان "عبد الحميد" بدهائه السياسي حجم وطبيعة التناقض في المصالح بين الدول الغربية، وسعى من خلال هذا التناقض إلى العمل على هدم معاهدة "سان إستيفانو"؛ اعتمادا على اللجوء إلى أقل الضررين، وبنى موقفه السياسي وتحركه على أن بريطانيا هي أقرب الدول إليه في هذه المرحلة؛ ولذا سعى لتنسيق أموره معها؛ ومن ثم أعطى بريطانيا لواء قبرص، مقابل دعمها له، وكانت قبرص مهمة لبريطانيا في تدعيم وجودها في غرب ووسط البحر المتوسط.
وانعقد مؤتمر في برلين برئاسة المستشار الألماني "بسمارك" في (13 من رجب 1295 هـ=13 يوليو 1878م) حضرته الدول الأوربية الكبرى، ولم يعط المؤتمر روسيا إلا النزر اليسير مما نصت عليه معاهدة "سان إستيفانو"، ويعتبر مؤتمر برلين من آخر الاتفاقيات التي عدلت الحدود الجغرافية السياسية لأوربا في القرن التاسع عشر، وأطال عمر الدولة العثمانية 35 عاما بدلا من "سان إستيفانو" التي كانت تسعى لوضع نهاية سريعة للخلافة العثمانية.
كانت معاهدة برلين هي المرحلة الثانية بعد معاهدة "كارلوفجة" 1699م، في تصفية الدولة العثمانية في أوربا، والتي ختمت بمعاهدة لندن 1913م، التي اعترفت بالاستقلال التام لثلاث إمارات تابعة لها هي رومانيا وصربيا وقرة داغ.

يُـــتـبـــــع بمؤتمر برلين
المراجع
علي محمد الصلابي- الدولة العثمانية
إسلام أون لاين

الثلاثاء، فبراير 19، 2008

نصر حامد أبو زيد ... و ( الهرمنيوطيقا ) ..!

قاعد لقيت مين في التلفزيون بتاعنا ، اه والله د/نصر حامد أبو زيد قاعد في البيت بيتك ومعاه السيد محمود سعد اللي قاعد يفخم فيه وفي علمه ووو
المهم لقيت مقال جيد جدا يتحدث عن نظرته العلمية وخلفيته الثقافية
فقلت انقله هنا لتعم الفائدة- رغم طوله الا انها بفائدة-
بقلم : سليمان بن صالح الخراشي من موقع صيد الفؤائد
وهذه وصلة لموضوع يتحدث عن نفس الحلقة وهي جميلة وتستحق الرؤيا

ترجمته : من مواليد 1/7/1943م ، طنطا – محافظة الغربية ، حاصل على دكتوراه من قسم اللغة العربية وآدابها ، كلية الآداب ، جامعة القاهرة ، في الدراسات الإسلامية 1972 ، عين سنة 1995 أستاذًا بقسم اللغة العربية وآدابها نفس الكلية .تلقى في سنة 1975 - 1977 منحة من مؤسسة فورد (!) للدراسة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وفي سنة 1978 - 1979 منحة من مركز دراسات الشرق الأوسط ، جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية ، ومن سنة 1985 - 1989 عين في اليابان ، جامعة أوساكا للغات الأجنبية كأستاذ زائر ، أما في سنة 1195 وحتى هذه الساعة فيعمل كأستاذ زائر ( أستاذ دكتور ) في جامعة ليدن بهولندا . من مؤلفاته : " الإمام الشافعي وتأسيس الإيدلوجية الوسطية " ، " نقد الخطاب الديني " ، " البحث عن أقنعة الإرهاب " ، " التراث بين الاستخدام النفعي والقراءة العلمية " ، " إهدار السياق في تأويلات الخطاب الديني " ، " مفهوم النص " ، " التفكير في زمن التكفير " ، " إشكاليات القراءة وآليات التأويل " .
رد عليه كثيرون : منهم : الأستاذ محمد جلال كشك في " قراءة في فكر التبعية " ، وعبدالصبور شاهين في " قصة أبوزيد وانحسار العلمانية في جامعة القاهرة " ، و الدكتور رفعت عبدالمطلب في " نقض كتاب نصر أبوزيد ودحض شبهاته " ، والدكتور سيد العفاني في " أعلام وأقزام " ، والدكتور محمد سالم أبوعاصي في رسالته " مقالتان في التأويل - معالم في المنهج ورصد للإنحراف " ، و الدكتور عواد العنزي في رسالته " المعاد الأخروي وشبهات العلمانيين " - لم تُطبع بعد - .. وغيرهم . ومن أفضل من رد عليه وكشف حقيقة أفكاره : الأستاذ
طارق منينه في رسالته " أقطاب العلمانية في العالم العربي والإسلامي " ، ومنه ألخص الآتي لأهميته مع إضافات :
فكرته : نادى أبوزيد بإخضاع القرآن لنظرية غربية مادية تنكر الخالق وتؤول الوحي الإلهي على أنه إفراز بيئوي أسطوري ، ناتج عن المعرفي التاريخي الغارق في الأسطورة .اسم هذه النظرية « الهرمنيوطيقا » ، و « مصطلح الهرمنيوطيقا » مصطلح قديم بدأ استعماله في دوائر الدراسات اللاهوتية ليشير إلى مجموعة القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها المفسر لفهم النص الديني « الكتاب المقدس » .. يشير المصطلح إلى « نظرية التفسير » ويعود قدم المصطلح للدلالة على هذا المعنى إلى عام 1654م وما زال مستمرًا حتى اليوم خاصة في الأوساط البروتستانتية . وقد اتسع مفهوم المصطلح في تطبيقاته الحديثة ، وانتقل من مجال علم اللاهوت إلى دوائر أكثر اتسـاعًا تشمل كافة العلوم الإنسانية ؛ كالتاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجى وفلسفة الجمال والنقد الأدبي والفلوكلور.والقضية الأساسية التي تتناولها « الهرمنيوطيقا » بالدرس هي معضلة تفسير النص بشكل عام ، سواء كان هذا النص نصًا تاريخيًا ، أم نصـًا دينيًا .من علماء « الهرمنيوطيقا » المفكر الألمانى شلير ماخر ( 1843م ) و « ويلهلم ديلش » ( 1833م – 1911 ) و « مارتن هيدجر » و « جادامر » .
يقول نصر أبو زيد : « وتعد الهرمنيوطيقا الجدلية عند جادامر بعد تعديلها من خلال منظور جدلي مادي ، نقطة بدء أصيلة للنظر إلى علاقة المفسر بالنص لا في النصوص الأدبية ونظرية الأدب فحسب ، بل في إعادة النظر في تراثنا الديني حول تفسير القرآن منذ أقدم عصوره وحتى الآن » ، إشكاليات القراءة وآليات التأويل لنصر حامد أبو زيد ص49 ، وما قبلها .يقول الدكتور عبدالوهاب المسيري عن الهرمنيوطيقا : " هي مشتقة من الكلمة اليونانية "Hermeneuin" بمعني يُفسِّر أو يوضِّح - من علم اللاهوت - حيث كان يقصد بها ذلك الجزء من الدراسات اللاهوتية المعني بتأويل النصوص الدينية بطريقة خيالية ورمزية تبعد عن المعنى الحرفي المباشر، وتحاول اكتشاف المعاني الحقيقية والخفية وراء النصوص المقدسة " - كما تزعم - ( للزيادة عن الهرمنيوطيقا يُنظر : " مدخل إلى الهرمنيوطيقا : نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر " للأستاذ عادل مصطفى .
وللفائدة فإن مفكري وفلاسفة الشيعة يحتفون كثيرًا بهذه الفكرة التي تخدم باطنيتهم وتأويلاتهم ! ؛ ولهم أبحاث كثيرة عنها ) .لقد طالب أبوزيد بالتحرر من سلطـة « النصوص » وأولهـا « القرآن الكريم » الذي قال عنه : « القرآن هو النص الأول والمركزي في الثقافة »(1) . « لقد صار القرآن هو « نص » بألف ولام العهد »(2) « هو النص المهيمن والمسيطر في الثقافة »(3) « فالنص نفسه - القرآن - يؤسس ذاته دينًا وتراثًا في الوقت نفسه »(4) .وقال مطالبًا بالتحرر من هيمنة القرآن : « وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها ، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا ، علينا أن نقوم بهذا الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان »(5) .وهو نفسه ما فعلته أوروبا مع « الوحي » و « الدين » باعتبارهما إنتاج مجتمعات قديمة وبيئات ثقافية متخلفة ، وينقل « نصر أبو زيد » المعركة مع « الوحي » إلى ساحة العالم الإسلامي فيقول : « بأن النص في حقيقته وجوهره منتج ثقافي »(6) ! .ويقول « إن القول بأن النص منتج ثقافي يكون في هذه الحالة قضية بديهية لا تحتاج إلى إثبات »(7) .سوف نستدعى دكتورًا علمانيًا يشترك مع د. نصر في « الإلحاد المشترك » هو د. على حرب ، وفقط سندعه يعلق على موقف د. نصر في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ « العلمانية » في عالمنا العربي والإسلامي ، سندعه يوضح لنا هدف د. نصر حامد أبو زيد . يقول حرب : « يستهدف أبو زيد ، بالنقد والتحليل ، خطاب الوحي ، بجعله مادة لمعرفة نقدية عقلانية ، شأنه بذلك شأن أي خطاب بشرى وأي إنتاج معرفي .. مستلهمًا موقف طه حسين الذي اعتبره أبو زيد الفدائي الأول في مقاومته للنظرة التقديسية إلى النصوص الدينية »(8) .ويعلق على كتابه « مفهوم النص » بالقول : « كان أولى به أن يسمي هذا الكتاب « نقد النص » إذ هو يتناول فيه القرآن وعلومه تناولاً تحليليًا نقديًا .. أجل إنها لجرأة بالغة أن يتعامل باحثنا مع النص القرآني بوصفه « منتجًا ثقافيًا » ، أنتجه واقع بشري تاريخي »(9) !! .إن د. على حرب نفسه كان قد طالب بالتحرر – أيضًا - من النصوص الدينية ومن وصاية الشريعة ! وهو يحب هذه الجرأة ! و يمدح هذه الطائفة العلمانية الجريئة في نقد الوحي القرآني من أمثال أركون وأبو زيد وأدونيس وغيرهم ويعتبرهم كما ذكر في الكتاب نفسه الذي علق فيه على كلام « نصر أبو زيد » المتقدم : نقاد الوحي والشريعة « أهل التذكرة » وأنهم « ذوى البصيرة ، أي ذوى الألباب »(10) !!إن مشروع « نصر أبو زيد » ، هو وضع التصورات الماركسية والمضامين المادية الجدلية وتفسيراتها للحياة والكون والإنسان والوحي والنبوة والغيب والعقيدة في المعنى القرآني فيصير القرآن ماركسيًا ينطق باسم ماركس وفلاسفة المادية الجدلية والهرمنيوطيقا ( نظرية تفسير مادية ) فيغير بذلك المفاهيم الرئيسة للقرآن ، ويلغي المعاني الحقيقية للسور والآيات ، ويطمس الحقائق الدينية التي رسخها القرآن وبينتها السنة .وهو لا يفعل في معركته مع الإسلام وتاريخه وعلمائه المحدثين والقدامى إلا ما يفعله الماركسيون العرب إحياء للموقف اللينيني الذي وظف التراث في الصراع الأيديولوجي ، فلينين – كما يقول جورج طرابيشي – هو أول من دعا إلى التعاطي مع التراث بمنهج البضع والبتر من خلال مناقشاته في مطلع القرن مع الشيوعيون الروس ... فلينين .. لم يكن يهمه من التراث حقيقته التاريخية ، بل قابليته للتوظيف في الصراع الأيديولوجي »(11) .إنه منهج الإسقاط الأيديولوجي ، الذي يستخدم القرآن للأيديولوجية المسبقة !
يقول طرابيشي [ العلماني ] : « منهج الإسقاط الأيديولوجي يتنطع أكثر من الفهم أو عدم الفهم ، فهو ينصب نفسه جراحًا يريد إخضاع التراث لعملية جراحية ليستأصل منه ما يعتقد أنه أورامه الخبيثة ، وتراءى لنا ، من وجهة نظر تاريخية ، أن قصب السبق في مداورة المنهج البضعي أو البتري يعود إلى المثقفين والباحثين الملتزمين بالرؤية الماركسية للعالم »(12) .هذه « خبرة » طرابيشي من داخل الماركسية يقول عن نفسه : « فلقد كان لكاتب هذه السطور ، هو أيضًا طور ماركسي في تطوره الفكري »(13) ! . ولا يعنى ضبط طرابيشي هؤلاء الماركسيين متلبسين بالتلاعب بالتراث أنه معنا داخل الأسوار فهو أولا نصراني ثم ماركسي ثم أخيرًا فرويدي فاحش .إن « القرآن » عند المستترين بالإسلام من المتلاعبين بالنصوص من فئة العلمانيين الذين اتخذت طريق الهدم من الداخل وسيلة لتهديم المجتمع الإسلامي ومقدساته الإسلامية إن « القرآن » عندهم « قالب وإناء » « فارغ » ، لاينطق بما أنزل به من عند الله على محمد – صلى الله عليه وسلم - رسول الله وخاتم النبيين وإنما ينطق بأيديولوجياتهم المسبقة ، فهم يحاولون أن يجعلوه بحسب هذه الأيديولوجيات الحديثة ناطقًا رسميًا لهم وحسب ! يقول ما يقولونه ويتكلم بما يتكلمون به ، وهو عندهم كما قال « أبو زيد » و « على حرب » ينطق بكل المذاهب والفلسفات ؛ أي أنه ليس له معنى ثابت ، فمن شاء أن يجعله وجوديًا فلا حرج ، وماركسيًا لا مانع ، صهيونيًا ما المشكلة ، وجوديًا ما الاعتراض ، عبثيًا ما الخلل ؟!هذا هو إعجازه عندهم ، يقول د. على حرب في وقاحة متناهية : « ليس إعجازه إذًا مجرد كونه ينطوي على تشريع أو تسنين ، وإنما كونه ينفتح على كل معنى بحيث يمكن أن تتمرأى فيه كل الذوات ( ! ) وأن تُقرأ فيه مختلف العقائد والشرائع »(14) .إذن : فأبوزيد يتهم الوحي بأنـه ليس له مصدر سماوي مقدس ، وينفي عنه صفه الفوقية – إن صح التعبير - لأنه عنده خرج من الواقع ورجع إلى الواقع وليس هناك إلا الواقع ! وهو ينص على ذلك في قوله : « فالواقع أولاً والواقع ثانيًا ، والواقع أخيرًا »(15) !! الواقع فقط !!وهو يظن أنه بهذه الاتهامات يستطيع أن ينزع صفة الوحي الإلهي عن القرآن ، ويظن أنه قد حطم بذلك الأسطورة الدينية وكشف عن حقيقة رموزها – والرموز بزعم الماركسية هي الله – تعالى عن قوله - ، الملائكة ، الجن ، الوحي ، الغيب ، اليوم الآخر ، وما إلى ذلك - إن النص التالي له يكشف لنا عن الأدوات التي يمكنه هو وغيره استخدامها بجانب فلسفة الهرمنيوطيقا في تحليل القرآن ، يقول : « يركز « بول ريكور » اهتمامه على تفسير الرموز ، وهو يفرق بين طريقتين للتعامل مع الرموز، الأولى هي التعامل مع الرمز باعتباره نافذة نطل منها على عالم من المعنى ، والرمز في هذه الحالة وسيط شفاف عما وراءه ( ! ) هذه الطريقة يمثلها « بولتمان » في تحطيمه للأسطورة الدينية في العهد القديم والكشف عن المعاني العقلية التي تكشف عنها هذه الأساطير . وهذه الطريقة يطلق عليها « ريكور » « Dymythologizing » والطريقة الثانية يمثلها كل من « فرويد » و « ماركس » و « نيتشه » وهي التعامل مع الرمز باعتباره حقيقة زائفة لا يجب الوثوق به ، بل يجب إزالتها وصولا إلى المعنى المختبئ وراءها Dymystification إن الرمز في هذه الحالة لا يشف عن المعنى ، بل يخفيه ويطرح بدلاً منه معنى زائفًا ، ومهمة التفسير هي إزالة المعنى الزائف السطحي وصولاً إلى المعنى الصحيح . لقد شككنا فرويد في الوعي باعتباره مستوى سطحيًا يخفي وراءه اللاوعي ، وفسر كل من ماركس ونيتشه(*) الحقيقة الظاهرة باعتبارها زائفة ووضعا نسقًا من الفكر يقضى عليها ويكشف زيفها ، وإذا كان تفسير الرموز عند بولتمان أو فرويد أو نيتشه أو ماركس ينصب على الرموز بمعناها العام اللغوي والاجتماعي فإن تعريف ريكور للرمز معبرًا عنه باللغة ، ومن ثم ينصب التفسير عنده على تفسير الرموز في النصوص اللغوية ، وهذه هي غاية الهرمنيوطيقا »(16) !! .إذن فغاية الهرمنيوطيقا - التي هي نظرية في التفسير غربية المبنى والمعنى - تحطيم الأسطورة الدينية ، والرمز لا يعنى شيئًا قط ، وإنما هو وسيط شفاف - أو حقيقة زائفة - ينم عما وراءه من موروثات لغوية بيئية معرفية تاريخية أسطورية !ينقل « نصر أبو زيد » هذه النظرية ، ليقوم بنفس الغاية التي توصل إليها هؤلاء الملاحدة مع الكتب اليهودية والمسيحية ، وبدل أن يكتفوا بإظهار أساطير القوم ، الأساطير التي أظهرها الإسلام من قبلهم ! ، أقبل نيتشه مثلاً وأعلن « أن الله قد مات » ! وقال ماركس بأن الحياة مادة ولا إله ! وغير ذلك من خرافات وترهات الماديين الماركسيين . وبهذه الأدوات حاول « أبو زيـد » أن يتعـامل مع « القرآن » وبهـذه العيون الغربيـة التي كلما وجدت - أو قرأت أو سمعت ! – اسم الله اشمأزت منه ، اشمأزت منه قلوب الذين كفروا ، واعتبرته رمزًا لا يقول شيئًا ولا يعنى شيئًا إنما هو حقيقة زائفة أو نافدة نطل منها على معان مناقضة لحقيقتها تمامًا !بهذه الموازين المـادية التي تنفي وجـود الله وتلغي عالم الغيب لصالح عالم الحس انتهج « نصر ابو زيد » طريقًا في تحليل القرآن وتفسيره أي بأفق الماركسية والمادية الجدلية والهرمنيوطيقا الجدلية . بهذه الموازين نظر إلى القرآن وآياته وإلى التفسير والمعاني المستنبطة منه ، ويؤكد على ذلك بقوله : « وتعد الهرمنيوطيقا الجدلية عند جادامر بعد تعديلها من خلال منظور جدلي مادي ، نقطة بدء أصلية للنظر إلى علاقة المفسر بالنص لا في النصوص الأدبية ، ونظرية الأدب فحسب ، بل في إعادة النظر في تراثنا الديني حول تفسير القرآن منذ أقدم عصوره وحتى الآن ؛ لنرى كيف اختلفت الرؤى ( ! ) ، ومدى تاثير كل عصر - من خلال ظروفه - للنص القرآني »(17) .إنه يجعل هذه الأدوات الإلحادية هي نقطة الانطلاق لتأويلاتها ، فينزع عن القرآن مضمونة باعتبار أن مضمون القرآن أسطوري غيبي ، ويعطيه دلالات ومضامين أخرى يزعم أنها الوعي بالتاريخ والعالم والنصوص !يقول عن وعيه الجديد إنه : « وعي ينقل الثقافة ، كما نقل المواطن من حالة إلى حالة ، ومن مرحلة « الوعي الديني الغيبي الأسطوري » إلى مرحلة « الوعي العلمي »(18) .وهو هنا يعطي للنظرية المادية التي تنكر الله سبحانه وتعالى وترفض الوحي ، يعطيها صفة « العلمية » و « الهيمنة » على القرآن ! ويريد أن ينقل الثقافة الإسلامية والحقائق الإسلامية إلى حالة أخرى مغايرة لها تمامًا ، حالة الوعي الماركسي والفرويدي اللعين ، والذي أدى في عالم الغرب إلى فصل الإنسان عن ربه وخالقه ومبدعه في نفس الوقت الذي أنزله إلى مرتبة الحيوان [ دارون ] وحلل نفسيته بأنها حيوان أشد ولوغًا في الجنس من الحيوان .إن هذا الوعي العلمي المتطرف في حكمه على الدين أدى إلى خلل كبير : « إن التصور الغربي للإنسان يشتمل على خلل أساسيين : الخلل الأول هو اعتبار أن الإنسان هو ذلك الحيوان الدارويني المتطور ، الذي قدمته نظرية دارون في القرن الماضي ، وما تزال تغذيه في كثير من مجالات الدراسة ، والدراسات الاجتماعية بصفة خاصة ، والخلل الثاني هو دراسة الإنسان بمعزل عن خالقه الذي أنشأه وأخرجه إلى الوجود »(19) .وكان قد ادعى ماركس وفرويد ونيتشه وريكور وجادامر وشليرماخر وبولتمان وغيرهم كثير أن ليس للإنسان في ظل التطورات الفكرية والفلسفية الغربية الحديثة ، ليس له مرجعية خارج حدود نفسه ، أي إقامة الإنسان نفسه مرجعًا بدلاً من الله ، وراحوا ينظرون إلى الوحي الإلهي على أنه أسطورة ، ونقلها نصر حامد أبو زيد معركة ضارية مع القرآن عازلاً عنه مضمونه الحقيقي ومضيفًا إليه مضمونًا ماديًا بحتًا ، ماركسيًا في غايته ، ماديًا في نظرته ، مدعيًا أن ذلك هو التأويل الحقيقي المحترم للقرآن !! وأنه يؤمن بثوابت الإسلام !! تقول بروتوكولات حكماء صهيون : " لاحظوا أن نجاح دارون وماركس ونيتشه قد رتبناه من قبل ، وأن الأثر الأخلاقي لاتجاهات هذه العلوم في الفكر الأممي ( غير اليهودي ) سيكون واضحًا لنا بكل تكيد " ! وليس هناك أوضح من ذلك التأثير غير الأخلاقي الذي جعل نصر أبو زيد يجلب تلك النظريات المادية ومضامينها الإلحادية ليغير بها معاني القرآن وحقائق القرآن وثوابت القرآن : ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) .تطبيقات الهرمنيوطيقا :نأتي هنا إلى تطبيقاته لهذه الفلسفة على القرآن وإعطاؤه مضامينها المجازية التي تنكر وجود الله وتنفي ما أثبته القرآن من حقائق . فالهدف من الهرمنيوطيقا هو - حسب قوله : « أن يعاد فهم النصوص وتأويلها بنفي المفاهيم التاريخية الاجتماعية الأصلية ( ! ) وإحلال المفاهيم المعاصرة الأكثر إنسانية وتقدمًا ( ! ) ، مع ثبات مضمون النص ( ! ) . إن الألفاظ القديمة لا تزال حية مستعملة لكنها اكتسبت دلالات مجازية »(20) .قلتُ : كيف يكون ثبات مضمون النص مع تغيير مضمون النص ؟!وفي النص التالي يقدح في مضمون ما سماه النص ويقدح – ويسخر كذلك - في إيمان العالم الإسلامي المتمسك به – يقول : « بصورة الإله الملك بعرشه وكرسيه وصولجانه ( ! ) ومملكته وجنوده الملائكة وما زال يتمسك بالدرجة نفسها من الحرفية بالشياطين والجن والسجلات التي تدون فيها الأعمال والأخطر من ذلك تمسكه بحرفية صور العقاب والثواب(*) وعذاب القبر ونعيمه ومشاهد القيامة والسير على الصراط ... إلى آخر ذلك كله من تصورات أسطورية »(21) !! .فهو يحذف وينفي هذا المضمون القرآني وهذه الحقائق القرآنية ويجعلها أسطورية !! وطبعًا لا يستسيغ ما سماه « ظاهرة الوحي » « ظاهرة النص » وفوقيته وثوابته التي نبذها منذ هنيهة ، فقد أنكر هذه « الحقائق » واعتبرها « مزيفة » .الأدهى من ذلك ، هو أنه ادعى أن أساس « الوحي » ليس هو التنزيل السماوي ، وأنه ليس تبليغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى الناس « وحيًا من الله » وإنما أساسه هو ما كان يعتقده العربي من إمكانية الاتصال بين البشر والجن - وقد قال بأن هذه الإمكانية أسطورية كما سيأتي بعد قليل ، بالإضافة إلى حضور وبروز ظاهرتي الشعر والكهانة في المعرفي / التاريخي عند العرب وارتباطهما بالجن : « لقد كان ارتباط ظاهرتي ( الشعر والكهانة ) بالجن في العقل العربي وما ارتبط بهما من اعتقاد العربي بإمكانية الاتصال بين البشر والجن هو الأساس الثقافي لظاهرة الوحي الديني ذاتها »(22) !!كل ذلك عند أبو زيد ظواهر اجتماعية ، أفرزها الواقع وطورتها الكهانة والشعر والوحي ، واخترعتها مخيلة الأساطير !الوحي عنده هو « ظاهرة » في « الثقافة » والثقافة عنده إفراز ونتائج التطورات المادية والبنى الاقتصادية والاجتماعية !فـ « ظاهرة النص » و « ظاهرة الوحي » و « ظاهرة النبوة » و « الظاهرة الدينية » – وهى أوصاف نصر أبو زيد - نتاج البيئة ، والنبوة عنده ليست ظاهر فوقية مفارقة(23) وإنما هي فاعلية خلاقة لم تتجاوز الآفاق المعرفية للجماعة التاريخية ، وهى آفاق تحكمها طبيعة البنى الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجماعة »(24) .فظاهرة الوحي - بحسب وصفه للوحي وزعمه عنه - لم تكن غريبة عن الرسول فهو : « كان يعانى دون شك إحساسًا طاغيًا بالإهمال والضياع »(25) ولأنه - بحسب زعم نصر أبو زيد - لم يكن يعزل نفسه عن الواقع ولا عن استخدام إمكانياته وتطويرها لصالحه وما يدعو إليه فقد كرر في النص القرآني ، الذي يبدأ بـ ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) الفعل « خلق » ليعوض عن إحساسه بالإهمال الذي لقيه من المجتمع وليختلق له ربا !!يقول : « ولا شك أن إحساس محمد الذي تتوجه إليه هذه الرسالة - بأن ربه هو الذي خلق ، يتصاعد بذاته وبقيمته وأهميته ، ويداوي إحساس اليتم والفقر في أعماقه . ولأن محمدًا لا يعزل نفسه من الواقع وعن إنسان مجتمعه فإن النص يكرر الفعل « خلق » كاشفًا لمحمد عن تساؤلاته عن الإنسان »(26) « إن المتحدث إلى محمد بالوحي ليس غريبًا عنه »(27) ! .فهو هنا يجعل النص من إنتاج محمد – صلى الله عيه وسلم – الذي لا يعزل نفسه عن الواقع ولذلك ، ولسبب إحساسه بالفقر واليتم ، كرر الفعل « خلق » في هذه السورة مرات ليشعر بأن له كفيلاً وعائلاً ووكيلاً .وليس المتحدث بالوحي إلى محمد – صلى الله عيه وسلم – في فلسفة « نصر أبو زيد » المادية إلا محمد نفسه – صلى الله عيه وسلم – فالوحي ليس غريبًا عنه من هذا الوجه !وبدلاً من معالجة هذه العزلة وهذا الإحساس باليتم والفقر بالدخول في عالم الكهانة والاتصال بالجن ، فإن محمدًا – صلى الله عيه وسلم – اتخذ وسيلة أخرى للتعبير عن نفسه فيما سمي « الوحي » هكذا يفكر نصر أبو زيد تقليدًا للملاحدة من الغربيين !وقد طور هذا الوحي الواقع وأعاد صياغته من جديد بما يتلاءم مع ظروف النبي – صلى الله عيه وسلم – ! « إن النصوص وإن تشكلت من خلال الواقع والثقافة تستطيع بآلياتها أن تعيد بناء الواقع ولا تكتفي بمجرد تسجيله أو عكسه عكسًا آليًا مرآويًا بسيطًا »(28) . كل ذلك يتماشى مع فلسفة المادية الجدلية التي تدعى أن الواقع هو منشئ الوعي والدين والأخلاق وليس العكس ؛ وأن الوحي ما هو إلا من خيال الأنبياء ناتج عن ظروف الفقر واليتم والاضطهاد !أخيرًا : يدعي الدكتور نصر أبو زيد أن : « اعتماد حل المشكلات على مرجعية النصوص الإسلامية من شأنه أن يؤدى إلى إهدار حق المواطن بالنسبة لغير المسلمين »(29) .- إن فلسفة نصر أبوزيد تنتهج نهج الفكر الغربي في تطوير كل شيئ ؛ حتى عقيدة المسلمين ، وعنده أن تغيير العالم لا يتم حتى ينال التطوير عقائد المسلمين التي نزل بها الروح الأمين جبريل – عليه السلام – وحيًا قرآنيًا . ====================
الهوامش
( 1 ) النص ، السلطة ، الحقيقة ، ص19
(2-3) مفهوم النص ، ص27
(4) النص ، السلطة ، الحقيقة ، ص16
(5) الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية ص146
(6) مفهوم النص ، ص24
(7) المرجع السابق ويقول « الأوضاع والظروف التي أنتجت النص » نقد الخطاب الديني ، ص145
(8) نقد النص لعلى حرب ، ص201
(9) نقد النص ، ص200
(10) المرجع السابق ، ص24
(11) مذبحـة التراث ، ص11 ، ولينين كان شـديـد الإنكار على اختصـار الطريق بالقفز مباشرة إلى الهدف ! وقد رفض « نظرية الهجوم » التي وضعها الزعماء الشيوعيون الألمان الذين تسببوا في انهيار أكبر وأقوى الأحزاب الشيوعية في العالم أجمع وقتذاك – 24 آذار 1921 كانت بداية النهاية ! – ومن الأحزاب الشيوعية العربية من حذا حذوهم فانهاروا كالحزب الشيوعي العراقي الذي كان له تواجد قديم في الساحة السياسية ونفوذ في أوساط الشباب جعله أقوى الأحزاب لسنوات طويلة ، إلا أنه استعجل بعض الاستعجال في أعقاب ثورة 1958م ، وباشر التصفيات الدموية ضد أعدائه فسقط ، وكرهه الناس ، وأصبح حزبًا ثانويًا ، ودفع الثمن غاليًا ، كذلك الحزب الشيوعي السوداني كان قويًا ، فورطه هشام العطا سنة 1971م ، ورفع الرايات الحمراء فجأة ، فدفع ثمنًا باهظًا أيضًا ، وأطيح برؤوسه ، انظر المسار لمحمد أحمد الراشد ، ص231 – 233
(12) مذبحة التراث ، ص 11
(13) مذبحة التراث ، ص 11
(14) نقد النص ، ص87
(15) نقد الخطاب الديني ، ص130 (*) عن نيتشه يقول د. فؤاد زكريا « ففي رأيه بين الله والإنسان في الخلق تعارضًا ، ولا بد لكي يتسع الطريق أمام قوة الإنسان أن تزاح كل العقبات من طريقه » نيتشه ، ص46 ، وانظر ، ص133 ، ويقول « فلم يكن نقد نيتشه لفكرة الألوهية لا يدع مجالاً للشك في أنه تخلى تمامًا عن هذه الفكرة » ص133
(16) إشكاليات القراءة وآليات التأويل ، ص44 ، 45
(17) إشكاليات القراءة ، ص49
(18) النص ، السلطة الحقيقة 41 قبل ذلك قليلاً قال « إن خطاب التنوير فشل في إحداث التنوير » وذلك أنه لم يحدث وعي علمي – على نمط وعي أبو زيد – بالتراث !!
( 19) حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية ، ص51
(20) نقد الخطاب الديني ، ص133 ( * ) ومع ذلك زعم أنه مسلم يؤمن باليوم الآخر [ الأهرام ] 19/6/1995 ، و [ المصور ] 23/6/1995 انظر التفسير الماركسي للإسلام ، ص53 ( 21) النص ، السلطة ، الحقيقة ، ص135
( 22 ) مفهوم النص ، ص2
(23 ) المرجع السابق ، ص52
( 24 ) المرجع السابق ، ص63
( 25 ) المرجع السابق ، ص67
( 26 ) المرجع السابق ، ص67
( 27)المرجع السابق ، ص67
( 28 ) المرجع السابق ، ص69
( 29 ) النص ، السلطة ، الحقيقة ، ص143 ، وانظر أيضًا التفكير في زمن التكفير ، ص153

الأحد، فبراير 10، 2008

متسامحون ولسنا أغبياء

السلام عليكم
حين يتحدث اي منا عن الاسلام نجد غير المسلم-بل وبعض المسلمين للأسف- متحفز ومستنيك تقول اي كلمة يروح ملقح عليك بقي بكلام عن الاضطهاد وعدم قبول الآخر وما شابه ذلك من الكلام اللي الواضح منه انه بيعملوه علي سبيل الاحتياط وعشان محدش يتكلم في اي حاجة وتنيك ساكت زي بالظبط اللي بيحصل في السياسة في مصر اللي يتكلم في مواضيع معينة تحصله قواضي ومحاكم وبلاوي سودة وهي عبارة عن رسائل تحذيرية بالمثل المصري" اربط المربوط يخاف السايب " المهم واحد هيسألني ايه لازمة ده في بداية الموضوع هقله حادثتين
الأولي :
لما ابقي طالع عن خالتي في الزيتون والاقي علي ترابيزة في وسط الصالة "الريشبشن يعني" شريط فيديو عن آلام المسيح والعهد الجديد وكذلك منشور تعريفي عن النصرانية وتفسير لبعض المفاهيم بما يجعلها تقارب الاسلام فرحت سائل الواد ابن خالتي
وليد : بقولك يا حمادة ايه دووول ؟
حمادة : دي حاجات لقيتها علي السلم؟
وليد : وهو في حد نصراني في العمارة دي ياحمادة يكون نسيهم علي السلم؟
حمادة : لا مفيش
وليد : طب وانت خدتهم ليه ؟!
حمادة : اقولت اشوف الناس دي بتقول ايه؟
وليد : وانت بقي عرفت احنا بنقول ايه عشان تروح تشوف الناس دي بتقول ايه؟
المهم اقعدت اشرحله الكلام اللي كان مكتوب وطلعتله من العهد الجديد الكلام اللي بيثبت ان الكلام اللي في المنشور التعريفي لمصطلح الثالوث والحوارات دي فاقتنع بما قلته وخدت الكتب وشريط الفيديو ورحت حطيتهم عندي في البيت جمب كتاب العهدين الجديد والقديم اللي هما عندي من زمان.
الثانية :
وانا في معرض الكتاب -اه والله بروح الأماكن دي وسعات كمان بشتري كتب منها - وكان معايا محمود وعمرو ودول أصحابي في الشغل وعمرو كان بيدور علي مجموعة كتب والده طالبها منه المهم عدينا علي سوق الأزبكية لقيت دار الكتاب المقدس -اللي هي المفروض دار تبحث عن الربحية - ولقيت اعلان بيقول الشريط بنص جنيه فاستغربت في وسط ارتفاع الاسعار العالمية في كل شيء الشريط في دار الكتاب المقدس بنص جنيه وجمبها بمسافة بسيط العهد الجديد ب جنيه أو حاجة زي كدة فياتري ازاي ده يحصل الا لو كان هناك فلوس داخلة علي هذه الكتب اي جايلها دعم -اللي هو أكيد مش حكومي-.
فاحنا أكيد متسامحين ولا نكن ضغائن لأحد لكن حين يعتدي أحد علي ديننا فلن نصمت ولن نقف مكتوفي الأيدي وحين يراد تنصير المصريين فلن نسكت أيضا في واحد هيقولي هو انتوا خايفين قوي كده ليه من التنصير ؟ هقوله نحن لا نخاف التنصير ولكن نخاف من الجهل فلولا الجهل المنتشر بالأمة لما تكلمنا عن التنصير ولما أعرناه اهتماما يعني ياريت اللي عايز يتناقش في اي شيء يجي يتكلم مع الناس اللي ترد عليه لكن هو المشكلة مش عايزك ترد عليه أو تناقشه بل يريد في المرحلة الأولي زرع نبتة الشك فيك ثم يتركك وان عدت له ولم تجد من يجيبك يستغل ذلك ويقولك مش انا قلتلك ويظل يوهمك بانه يتحدث الحق بل وتراه يستشهد بايات قرآنية وأحاديث نبوية وتارة فتارة تجد نفسك تسمع له -ان كنت غبيا فقط -هذا ما نخافه أن يستغل الجهل فاعلموا اننا نحترم جيراننا مسلمين أغير المسلمين بل ونأكل ذبائحهم ويأكلون ذبائحنا ونتشارك في العديد من الأشياء ولوناقشوني لناقشتهم بصدر رحب لكن ان حاولوا تنصير احد من الناس الغلابة اللي ملهاش في لقمة العيش وبس فلن نصمت

السبت، فبراير 09، 2008

حوار مع يساري مسلم... بالعقل كدا 3

يساري مسلم:

لم يدر في خلدي قط أنكم تنادون بالسلبية المطلقة وأن نتوقف عن أي مقاومة، رغم أن كلمة "بجانب" التي طالبتموني ان ألتفت إليها بجانبها هي الأخرى عبارة "الذي لا نهاية له"... و مع ذلك...
ورد في كلامكم المنهجية الإسلامية .. وبصدق لا أدري عن أي منهجية تتحدث، إذا كنت تقصد المنهجية الفقهية في التعامل مع الحاكم من وجوب الطاعة خشية الفتنة إذا جلد ظهري وأخذ مالي وأكرر خشية الفتنة ثم وصولا إلى الذروة والعصيان إذا ظهر منه كفر بواح فهذه منهجية (خنوع وذلة وخضوع لا أقبل بها وهي منهجية غير سماوية بل منهجية فقهية نحتت لصالح الحكام).. وهذه المنهجية هي المنصوص بها في كتب الفقه .. لذلك هيه منهجية غير نصية ...
1.الطاعة العمياء مهما فعل الحاكم..
لحديث منسوب للرسول: عن ابن عمر
تسمع وتطيع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك،

2.الخروج في حالة الكفر البواح فقط وكأنه هناك من حاكم ساذج سيصرح بكفره .. وكأن العلاقة هي علاقة بين الحاكم وربه.. وكأن الله لا يستطيع أن يدك به الأرض إذا لم يصلّ ...
هذه في عجالة إن كان منطق المنهجية الإسلامية آسف يا أخي أن أقول هذه منهجية غير ربانية....
وهذا رد مختصر عن الجزء الأول من سياق حديثك..
عن منهجية التغير ...

مسلم أصولي:

قلت أنك لا تدري عن أي منهجية إسلامية أتحدث – و كأن الإسلام ليس به منهجية لمثل هذه الأمور! أم أنك أخي فلان من أرباب أن الإسلام عبارة عن بعض الشعائر التعبدية و الأعمال الخيرية و أنه دعوة إلى الأخلاق و فقط؟!!!
يا عزيزي الغزو الفكري الذي ابتليت به الأمة في القرون الأخيرة قد أدخل في فكر المسلمين الانفصال بين الدين و السياسة حتى أصبحت السياسة حكراً على طبقة من السياسيين المحترفين، و فهمت السياسة على أنها فن الخداع و المكر، و أن العلماء لا يصلحون للحديث في السياسة فضلا عن العمل فيها. و للتأكد من أن الإسلام لم يفرق بين السياسة و الدين فليرجع إلى سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم ليرى كيف أنه عليه الصلاة و السلام قد مارس جميع الأعمال السياسية، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون!

**

عن حذيفة بن اليمان أنه قال: قلت: يا رسول الله! إنا كنا بـشرّ . فجاء الله بخير . فنحن فيه . فهل من وراء هذا الخير شرّ؟ قال (نعم) قلت: هل من وراء ذلك الشرّ خير؟ قال (نعم) قلت: فهل من وراء ذلك الخير شرّ؟ قال (نعم) قلت: كيف؟ قال (يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستـنـّون بسنتي . و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس) قال قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك!؟ قال (تسمع وتطيع للأمير . وإن ضرب ظهرك . وأخذ مالك . فاسمع وأطع).
و هو حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه!

**

عن حذيفة بن اليمان أنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أساله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية و شر، فجاءنا الله بهذا الخير فنحن فيه، وجاء بك، فهل بعد هذا الخير من شر كما كان قبله؟ قال ياحذيفة تعلـّم كتاب الله، و اتبع ما فيه، (ثلاث مرات). قال: قلت: يارسول الله أبعد هذا الشر من خير؟ قال نعم، قلت: فما العصمة منه؟ قال: السيف، قلت: و هل بعد ذلك الشر من خير؟ (و في رواية: قلت: وهل بعد السيف بقية؟) قال: نعم، وفيه دخن، قال: قلت: و ما دخنه؟ قال: يكون بعدي أئمة يستنون بغير سنتي، و يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين، في جثمان إنس، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، [ فتنة عمياء صماء عليها ] دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟ قال: هم من جلدتنا، و يتكلمون بألسنتا، قلت: يا رسول الله، فما تأمرني إذا أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين، وإمامهم تسمع وتطيع الأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع، فقلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك . وفي رواية أخرى ... فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة، فالزمه و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك، فإن لم تر خليفة فاهرب في الأرض حتى يدركك الموت و أنت عاض على جذل شجرة . قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم يخرج الدجال. قال: قلت: فبم يجيء؟ قال: بنهر أو قال: ماء و نار فمن دخل نهره حط أجره و وجب وزره، و من دخل ناره وجب أجره، و حط وزره. قلت: يا رسول الله: فما بعد الدجال؟ قال: عيسى بن مريم قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: لو نتجت فرسا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة.
و هو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه!

**

ثم ختمت ردك بقولك: "فإن كان هذا هو منطق المنهجية الاسلامية ... آسف يا أخي أن أقول إن هذه منهجية غير ربانية"...
معنى كلامك شيء من أربعة:
* إما أن الإمام مسلم و الإمام البخاري كاذبان ... و أن الرسول لم يقل شيئا كهذا ...

* أو أن رسول الله قال هذا و لكنها من تلقاء نفسه و ليست منهجية ربانية ... و أن السياسيين في عصرنا هذا مثقفون بدرجة تسمح لهم بأن يفهموا الدنيا أكثر منه صلى الله عليه و سلم ...
* أو أن العلماء الفقهاء الذين يكتبون في الكتب منذ العصور الأولى للإسلام و حتى الآن ... هم في الحقيقة علماء سوء و علماء سلطان كلهم و لا نفع فيهم ...خانوا أمانة العلم الذي هو ميراث الأنبياء، أو على أقل تقدير هم أغبياء لا يعرفون طرق الاستقراء و الاستنتاج المنهجي العلمي ... ففهموا من النصوص ظواهرها و فسروها بجهل شديد لواقع الحياة...
* أو أنك لم تفهم ما قرأت أو قرأت شيئا مبتورا ففهمت أنه هو (منهجية الفقهاء في التعامل مع الحاكم) !

**

ثم إن كان ردك الأخير هذا "ردا مختصرا عن الجزء الأول من سياق حديثي (عن منهجية التغيير)" كما تقول ... فأين ردك على باقي أجزاء حديثي؟.. و التي أرى أنها شديدة الأهمية و اللصوق بباقي أجزاء الموضوع.

يساري مسلم:

دعنا لا نتحدث إلا عن فكر لفكر و رأي لرأي دون أن نفترض غربنة للأفكار أو علمنة أو حتى أسلمة كي يكون الحوار من منطلقاتنا نحن و كل يؤخذ منه و يرد إلا صاحب المقام عليه الصلاة والسلام...

...

يا ترى ما رأيكم في رد اليساري على الأصولي؟؟!! بل انتظروا قليلا لأن رده لم ينته بعد!

و هذا ما سنعرفه و غيره إن شاء الله .. في الحلقة القادمة.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

### حوار مع يساري مسلم... بالعقل كدا 1

### حوار مع يساري مسلم... بالعقل كدا 2