الثلاثاء، يونيو 21، 2011

هكذا تحدث سعد

هكذا تحدث سعد

د. محمد عمارة | 21-06-2011 01:20

كان محمد إبراهيم الجزيري شيخًا، تخرج من مدرسة القضاء الشرعي.. ورئيسًا لتحرير مجلة القضاء الشرعي.. وفي ذات الوقت سكرتيرًا خاصًا لزعيم الأمة وقائد ثورتها سعد زغلول باشا (1233 ـ 1336/ 1857 ـ 1927م).

وعندما نشبت المعركة الفكرية الكبرى التي أثارها كتاب الشيخ علي عبد الرازق (1305 ـ 1385هـ / 1888 ـ 1966م) عام 1925م.. وانحاز العلمانيون والمتغربون إلي هذا الكتاب الذي حاول علمنة الإسلام، والتكريس لإلغاء أتاتورك (1298 ـ 1357هـ ـ 1881  ـ 1938م) الخلافة الإسلامية.. وتصدي الأزهر ورموز الفكر الإسلامي لدعاوى العلمنة والعلمانية..

انحاز سعد زغلول إلى صف المدافعين عن أن الإسلام دين ودولة.. وأنه صاحب شريعة أفرزت نظامًا مدنيًا في الحكم والقانون، حقق السعادة للشعوب التي حكمت به، ولا يزال يصنع ذلك في العصر الحديث..

ولقد كتب محمد إبراهيم الجزيري- في كتابه "سعد زغلول: ذكريات تاريخية" عن النقد الشديد الذي وجهه سعد زغلول لكتاب علي عبد الرازق وكيف وصفه "بالجاهل" الذي يسعى إلي هدم أركان الإسلام.. وكيف حذر الشباب ـ الذين لم تقو مداركهم في العلم القومي - من الخلط بين حرية الفكر وبين هدم الأركان التي قام عليها الإسلام..

كتب الجزيري عن رأي سعد زغلول هذا ـ الذي وصفه بأنه "عصبية إسلامية شديدة ورأي جميل في الإسلام وأحكامه ومدنيته".. وذكر كيف انتقد سعد زغلول الذين يؤيدون كتاب علي عبد الرازق، وطلب من الجزيري ألا تنشر مجلة "القضاء الشرعي" أي تأييد لهذا الكتاب.. وكيف اعتدل سعد زغلول في جلسته ـ كما يستعد المحاضر لإلقاء محاضرة أو الخطيب لإلقاء خطبة ـ ثم قال:

"لقد قرأت الكتاب بإمعان، لأعرف مبلغ الحملات عليه من الخطأ أو الصواب، فعجبت أولاً كيف يكتب عالم دين بهذا الأسلوب في مثل هذا الموضوع؟! لقد قرأت كثيرًا للمستشرقين ولسواهم، فما وجدت ممن طعن منهم في الإسلام حدة كهذه الحدة في التعبير على نحو ما كتب الشيخ علي عبد الرازق، لقد عرفت أنه جاهل بقواعد دينه، بل بالبسيط من نظرياته، وإلا فكيف يفتي أن الإسلام ليس مدنيًا، ولا هو بنظام يصلح للحكم؟! فأية ناحية مدنية من نواحي الحياة لم ينص عليها الإسلام، هل البيع أو الاجارة أو الهبة أو أي نوع آخر من المعاملات؟.. ألم يدرس شيئا من هذا في الأزهر؟.. أولم يقرأ أن أممًا كثيرة حكمت بقواعد الإسلام فقط عهودًا طويلة كانت أنقى العصور؟.. وأن أممًا لا تزال تحكم بهذه القواعد وهي آمنة مطمئنة؟ فكيف لا يكون الإسلام مدنيًا ودين حكم؟! وأعجب من هذا ما ذكره في كتابه عن الزكاة فأين كان هذا الشيخ من الدراسة الدينية الأزهرية؟.. إنني لا أفهم معنى للحملة المتميزة التي تثيرها جريدة (السياسة) حول هذا الموضوع.. وما قرار "هيئة كبار العلماء" بإخراج الشيخ علي من زمرتهم إلا قرار صحيح لا عيب فيه، لأن لهم حقًا صريحًا بمقتضى القانون أو مقتضى المنطق والعقل أن يخرجوا من يخرج على أنظمتهم من حظيرتهم.. فذلك أمر لا علاقة له مطلقًا بحرية الرأي التي تتبعها "السياسة".. إن العلماء فعلوا ما هو واجب وحق، وما لا يجوز أن توجه إليهم أدنى ملامة فيه.. والذي يؤلمني حقًا أن كثيرًا من الشبان الذين لم تقو مداركهم في العلم القومي، والذين تحملهم ثقافتهم الغربية علي الإعجاب بكل جديد، سيتحيزون لمثل هذه الأفكار، خطأ كانت أو صوابًا، دون تمحيص ولا درس ويجدون تشجيعًا على هذا التميز فيما تكتبه جريدة "السياسة" وأمثالها من الثناء العظيم على الشيخ علي عبد الرازق ومن تسميتها له بالعالم المدقق والمصلح الإسلامي والأستاذ الكبير.. وكم وددت أن يفرق المدافعون عن الشيخ بين حرية الرأي وبين القواعد الإسلامية الراسخة التي تصدى كتابه لهدمه"..

هكذا تحدث سعد زغلول الذي ظلموه ووضعوه في زمرة العلمانيين!..

_____________

مقال بصحيفة المصريون

السبت، يونيو 18، 2011

اللحية لماذا؟؟؟

طبعا كثيرون حين يقرأ العنوان سيظن أن الموضوع يتكلم حول حكم اللحية وهذا غير صحيح باي صورة فحكم اللحية صاغه أمر النبي صلي الله عليه وسلم ومن بعده أبان العلماء الأجلاء ويمكن لأي كان أن يراجع رأي الأئمة الأربعة في وجوب اللحية -ولست هنا لاقناع الاخرين باللحية-ولكن النقطة الأساسية للموضوع هو لماذا الهجوم المتكرر علي الملتزمين؟-لا أقول الاسلاميين لاعتراضي علي المسمي لقوله عزوجل "هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ " سورة الحج الآية 78- وتتمركز حول عدد من النقاط منها :
الأولي : انهم يستخدمون الدين في السياسة . ويتكلمون كأنه عيب ولا أدري ما هو العيب أو الخطأ في ذلك طالما أن الأمر متروك للشعب ليقرر ما يراه الأصح بما تراه الأغلبية بما لا يضر بالأقلية -الأقلية والأغلبية هنا عقديا أو فكريا أو اثنيا- واشكاليتهم هي في النقاط الثابتة فلا يستطيعون الفرار من أجماع اغلب علماء الأمة ولكنهم يحاولون الايهام بان هناك انشقاق بين علماء الدين في كل شيء وأننا لا يمكننا الاعتماد علي ذلك وهو ما يخالف الحقيقة فما اتفق عليه العلماء فنحن ملزمون به وما اختلفوا عليه باختلاف الأدلة فلا نقاش بين المسلمين في انه يمكن اتباع اي رأي طالما تستريح وتقتنع بأدلته. وهنا هم يقومون بما كانوا ينكرون علي النظام البائد من انه يدعي ان الشعب غير ناضج ولا يعرف مصلحته.
الثانية: بيقولك هيمنعوا ويعملوا ويسووا ومتعرفش دول بيضربوا الودع ولا ايه؟ وتسأله طب انت عايز ايه؟ يقولك الحرية المطلقة !!!! وهذا كلام باطل فنظرية الحرية المطلقة هي اغبي النظريات علي الاطلاق ولا يمكن تطبيقها وسأضرب مثالا من مجال تخصصي وهو محركات الطائرات فنحن نعمل في المحركات او الطائرات طبقا لكتاب الصانع ولا يجب الحيود عنه دون اذن الصانع لانه الأدري والأعلم بكل أمور التصميم التي قد تخفي عليك نتيجة غياب بعض المؤشرات التي تجعل حكمك ناقصا ويجب تأكيد الصانع بان ما تريد فعله هو صحيح.
الثالثة: يلقبون دائما الملتزمين بلفظة الأصوليون وكأنها دليل علي الجمود والرجعية وما الي ذلك وعلي العكس تري اي عملية علمية فمثلا عند القياس لابد أن يكون هناك معيار أو مقياسStandard للرجوع اليه وكذلك في الأحكام القضائية تصبح الأحكام القديمة دليلا للقاضي في القضايا المماثلة وفي الفصل في صحة القوانين يرجعون الي الدستور وما الي ذلك من عمليات الرجوع الي الأصل أو المرجع فما هو العيب في الرجوع للأصل.
الرابعة : الهجوم علي اي دعوة يطلقها الدعاة أو العلماء والباسها صبغة غير موضوعها الأصلي ومثال علي ذلك الهجوم علي دعوة بعض الدعاة لمليونية لحية بفانطلق المتبارون في شجب وادانة الدعوة!!! ما الذي يضير الناس في الدعوة؟ هل قالوا اتركوا كل ما بأيديكم من علم وعمل ولتلتزموا بيوتكم حتي تصبحوا ملتحين ؟ بالطبع لا . هل الموضوع يعتدي علي حرية الآخرين أظن انها لا. حين يسخر البعض من تلك الدعوة علي انها ارتداد للخلف ودعوات للتخلف عن العالم المتحضر ولا أدري هل أثبتت التقارير العلمية ان اللحية توقف التفكير وتصيب الانسان بمرض الغباء مثلا ولذلك هم يحاربون الدعوة وسبحان الله بل علي العكس لقد دعا البعض الي حملة البكيني وهو أمر مستغرب جدا .
وما يقلقنا جميعا هو ان عملية الحجر علي الرأي من قوم يدعون الليبرالية والحرية وان ابسط قواعد الحرية والديمقراطية هي ان للكل الحق في اعتقاده طالما لم يجبر الآخرين علي اعتناق هذا الرأي.
ولنجعل قول الشافعي رحه الله (رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب ومن جاء بأفضل منه قبلناه ) منهاجا لنا في حياتنا.