دعنا لا نتحدث إلا عن فكر لفكر ورأي لرأي دون أن نفترض غربنة للأفكار أو علمنة أو حتى أسلمة؛ كي يكون الحوار من منطلقاتنا نحن وكل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب المقام عليه الصلاة والسلام...
قلت وما زلت عند رأيي: إن هذه أحاديث سياسية لم يقلها النبي، جاءت في عصور الفتن وسيقت لدرء الفتنة أو لاتخاذ موقف سلبي تجاهها .. وقبل أن تغضب من قولي دعني أوضح لك أنني لا أضع قدسية لأحد لا البخاري ولا مسلم ولا غيره .. فقط الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي إذا قضى أمرا ومن قبله ربه العزة أطيع وأنا صاغر....
لذلك يا أخي إذا كان البخاري دوّن هذه الأحاديث أو غيرها ووجدتها تخالف كتاب الله والفطرة السوية أرفضها رفضا باتاً...
فقول جلد ظهري وأخذ مالي من أعطاه هذا الحق...؟!!
قل لي بالله عليه أستحلفك بالله .. أهذا هو الدين الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور ... وقلب موازين الجاهلية... وعذب فيه بلال من أجل لا اله الا الله وهو يقول أحد أحد...
يأتي حديث فيقول يسلب مالي ويجلد ظهري... وتطالبني أن أصدق أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي غضب واحمر وجهه حين رأى أحدهم يضرب عبداً له وقال له: إن لم تفعل للفحتك النار ... أي إذا لم تعـتقه ...
ودخلت امرأة النار في هرة...
ودخلت بغيّ الجنة في كلب...
هذه هي روح الدين، أما أن يجلد ظهري فأسمع وأطيع؟!! ... الله الله الله
إذا كان الحاكم كافرا ولم يفعل ذلك بل حافظ عليها أأعصيه؟!! ..
أي قلب للفطرة هذا؟!!...
بصدق أدعوك للتدبر في قولي دون التشبث الجامد بمرويات ودون الخوض هل البخاري كذا ومسلم كذا والعلماء كذا ليس لي دخل في كذا وكذا ولا وجدنا آباءنا على أمة ..
أنا أتعامل مع كتاب الله الحق والفطرة السوية وأقوال النبي السمحة...
مسلم أصولي:
النقطة الأولى: يا فلان يا أخويا ... من الواضح أن المشكلة الأساسية أنك تتعجل في فهم النصوص باتباع الظن ثم تبني على فهمك نتائج تريد إلزام الناس بها، و نبذ دينهم و سنة نبيهم الصحيحة الثابتة من أجلها. و كان لزاما عليك لتعرف المراد من هذا الحديث و أمثاله أن تتبين و تتثبت و ترجع إلى مصادر العلم، و تسأل أهل الذكر، و لا تتسرع في القول بالرأي و الهوى و التي تزعم فيها أن عقلك البسيط يحكم على النصوص الشرعية القطعية الثبوت ...
من عدة كتب .. جمعت لك المراد من هذا الحديث على أرجح الأقوال:
مسلم أصولي:
الشرح على أول القولين: أن الروايتين تتحدثان عن جو الفتن و الحرب الداخلية، و ضياع الوحدة الإسلامية لذا جاء التشدد في الحديث على السمع و الطَّاعة للأمير لتلافي مزيد من الفرقة و التمزق و ضياع الأمن، و هذا ظاهر من قول الراوي و جواب الرسول صلى الله عليه وسلم، ففى الحديث إشارة إلى الثورات المغرضة التى يراد بها المصلحة الشخصية لا العامة، و فيه أمر بعدم الاشتراك فيها ....
فواضح أن القصد من هذه الأحاديث ترغيب المسلمين على الاجتماع على أمير واحد، و ذمّ و رفض من يدّعي الإمارة لنفسه و ينافس بها الأمير الأعظم حسب تعبير الحديث، و ليس المقصود طاعتهم في الظُّلم و الجور أو السكوت عليهم إذا ما زاغوا عن الطريق لأنه معلوم أنه لا طاعة في معصية، و الظُّلم أم المعاصي و السكوت عن الظُّلم ظلم و معصية.
مسلم أصولي:
الشرح على ثاني القولين: أن وصية النبي صلى الله عليه وسلم واضحة بالسمع والطاعة لولاة الأمور، والسمع والطاعة لهم واجب بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) (النساء: الآية59) فجعل طاعة أولي الأمر في المرتبة الثالثة ولكنه لم يأت بالفعل (أطيعوا) لأن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا لو أمر ولاة الأمور بمعصية الله عز وجل فلا سمع و لا طاعة.
و ظاهر الحديث وجوب السمع والطاعة لولي الأمر -وإن كان هو يعصي الله عز وجل- إذا لم يأمرك أنت بمعصية الله عز وجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك" وضرب الظهر وأخذ المال بلا سبب شرعي معصية لا شك، فلا يقول الإنسان لولي الأمر: أنا لا أطيعك حتى تطيع ربك، فهذا حرام، بل يجب أن يطيعه وإن لم يطع ربه.
أما لو أمر بالمعصية فلا سمع ولا طاعة، لأن رب ولي الأمر ورب الرعية واحد عز وجل، فكلهم يجب أن يخضعوا له عز وجل، فإذا أمرنا بمعصية الله قلنا: لا سمع ولا طاعة.
مسلم أصولي:
فالقاعدة والأصل المُجمع عليه أن الطَّاعة الواجبة في الشرع هي لأولي الأمر من الأئمة (الخلفاء)، ونوابهم من السلاطين وأمراء الجيوش والولاة وكلها مقيدة بالمعروف (من الواجب والمباح) دون المحظور. وأما طاعة المتغلبين (الإمام المتغلب هو: الذي يصير إماما بالتغلب على الآخرين و ينفذ الحكم و القهر بدون مبايعة أو استخلاف) فهي للضرورة و تقدر بقدرها بحسب المصلحة، ويجب إزالتها عند الإمكان من غير فتنة ترجح مفسدتها على المصلحة، فطاعة ولي الأمر واجبة على المسلمين.
...
أما ما المساحة التي تشملها تلك الطَّاعة؟ فذلك مدار البحث هنا.
مسلم أصولي:
وقد رسم القرآن الكريم و السنة النبوية الصحيحة بوضوح حدود تلك الطَّاعة، و حددها بدائرة المعروف، فما خرج من دائرة المعروف لم تكن الرَّعيَّة ملزمة بالأخذ به، وهذا الأمر واضح وصريح في صيغة بيعة المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم في العقبة كما جاءت في كتب الحديث ومنها صحيح البخاري وكان من شروطها ما جاء في قوله تعالى: (و لا يعصينك في معروف)، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليصدر عنه إلا المعروف. فجاء ذلك من باب التأكيد لبيان أنه لا طاعة في المعصية مهما علت درجة الآمر. فإذا كان الحال هكذا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره من أولي الأمر؟.
و قال أيضا: (السمع والطَّاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) رواه البخاري.
يا ترى ما رأيكم في رد الأصولي على اليساري؟؟!! بل انتظروا قليلا لأن رده لم ينته بعد!
و هذا ما سنعرفه و غيره إن شاء الله .. في الحلقة القادمة.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق