الاثنين، أبريل 06، 2009

سلسلة: الـربـا...حربٌ من الله - الحلقة الثالثة: ...قصاصات ~ للتأمل...

قــصــاصــة رقــم [1]

يقول جوهان فيليب مزايهرفون بتمان - وهو مدير البنك الألماني في فرانكفورت- الذي ألف كتاباً عن الفوائد أسماه (كارثة الفائدة):

"على غرابة التشبيه فإنني أقول: إنه كما تقلل المياه، من صفاء وقوة وتركيز عصير البرتقال أو اللبن الحليب، فإن ارتفاع الفائدة يقلل من قيمة العملة، كلما ارتفعت الفائدة كلما تدهور النقد؛ فكما يؤدي الماء إلى رداءة عصير البرتقال أو الحليب، تؤدي الفائدة إلى رداءة النقود... الفائدة العالية تدمر قيمة النقود وتنسف أي نظام نقدي ما دامت تزيد كل يوم، وتتوقف سرعة التدمير وحجمه على مقدار الفائدة ومدتها.

ولكن ما الفائدة العالية؟ ومتى يمكن اعتبارها عالية؟ أي: ما المقياس لمقدار الفائدة المناسب؟

المقياس هو إنتاجية الاقتصاد القومي، أي هو القيمة المضافة، أو الزيادة في الإنتاج، أو قيمة الأصول الموجودة في المجتمع، والناشئة عن تشغيل رأس المال النقدي (النقود) في هذا المجتمع، أي الربح الناشئ عن استخدام النقود في نشاط منتج، فكل الفوائد تعتبر عالية إذا زادت عن معدل الإنتاجية في المجتمع؛ فحيثما يحدث ذلك فمقدار الفائدة يعتبر مرتفعاً، ومعنى ذلك أن النقود تتكلف أكثر مما تحققه من ناتج استخدامها، وانخفاض قيمة النقود معناه: "تضخم" فكل زيادة في الفوائد عن معدل الزيادة في الإنتاجية معناه حقن التضخم بمزيد من الجرعات المنشطة للتضخم، فيعقب ذلك الكساد؛ فالفائدة المرتفعة معناها بسهولة زيادة تخمية في النقود؛ ولذلك كانت الفائدة المرتفعة هي التضخم ذاته" ا.هـ.

قــصــاصــة رقــم [2]

و مـن الحِكَم التي ذكرها أهل العلم في تحريم الربا: أن الربا يمنع الناس من الاشتغال بالمكاسب، لأن المرابي يحصل على المال من غير تعب و لا مشقة، فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب و التجارة و الصناعة، و ذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق التي لا تحصل إلا بالتجارة و الحرف و الصناعة و الزراعة .

قــصــاصــة رقــم [3]

إن كل زيادة (أو فائدة) على الدَّين الذي حل أجله، و عجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، و كذلك الزيادة (أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد: هاتان الصورتان رباً محرم شرعاً.

قــصــاصــة رقــم [4]

ودائع البنوك هي عقد قرض شرعاً و قانوناً، و عند علماء الاقتصاد؛ فالمصرف أو البنك: هو مؤسسة تتخصص في إقراض و اقتراض النقود، كما في "الموسوعة العربية الميسرة"، و قد اتفق أساتذة الاقتصاد  وعلماء القانون و فقهاء الشريعة على هذا التعريف.

فالوظيفة الأولى للبنوك هي الاتجار في الديون، بأن تقوم بإقراض ما أودع لديها، أو ما اقترضته من المودعين مقابل زيادة محددة على أصل المال..

و وظيفتها الثانية هي: خلق الديون أو الائتمان يعني: إقراض ما لم تملكه بالفعل؛ فتَخْلُق النقود و تقرضها! و ذلك بوضع مبلغ معين تحت تصرف شخص ما -فتح الاعتماد- و هو في الحقيقة لن يسحب جميع المبلغ و إنما يأخذ مقداراً منه، أما البنك فيأخذ الربا -الفائدة- على جميع المبلغ المخصص له، و البنك في هذا أسوأ من ربا الجاهلية بكثير.

قــصــاصــة رقــم [5]

إن استثمارات البنوك -التي تهدف إلى تحقيق أقصى ربح ممكن- تتمثل في التعامل في الديون و الائتمان؛ إذ تقدم هذه البنوك خدمات ائتمانية معينة لعملائها المودعين -أي المقرضين لها- و المستثمرين لأموالها -أي المقترضين منها- و تحصل في مقابل ذلك على مدفوعات من هؤلاء العملاء، و من هذا التعامل تحاول تحقيق أقصى ربح ممكن، و يتكون هذا التعامل أساساً من نوعين:
النوع الأول: الاتجار في الديون أو الائتمان.
و النوع الثاني: هو خلق أو صناعة الديون أو الائتمان

.......فهل هذا يعد استثماراً من الجهة الشرعية؟

فالبنوك مؤسسات للوساطة المالية، و لا تتدخل بطريقة مباشرة في العملية الإنتاجية، و إنما تتوسط بين المقرضين و المقترضين، فتقوم بتحويل الفوائض المالية من القطاعات ذات الطاقة التمويلية الفائضة -المقرضين أو المودعين- إلى القطاعات ذات العجز في الموارد المالية (المقترضين)، و يتمثل دخل هذه البنوك في الفرق بين ما تحصل عليه من فوائد من المقترضين، و ما تدفعه من فوائد للمقرضين.

قــصــاصــة رقــم [6]

أثبتت الدراسات التطبيقية أن رؤوس الأموال التي تتعامل بالربا تنقص قيمتها الحقيقية، و قد اقترح الاقتصاديون أنفسهم أنه لضمان عدم تناقص القيمة الحقيقية لرؤوس الأموال هذه أن يكون أسلوب استثمارها هو المشاركة، و هم -بذلك- وصولاً إلى ما قال به الإسلام منذ خمسة عشر قرناً.

قــصــاصــة رقــم [7]

تأمل القصاصات الستة السابقة جيدا... حتى لو كان مضمونها يبدو مكررا... تأملها بصدق مع النفس و موضوعية محايدة...

{وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا} ... متاع زائل، لا يتجاوز حدود هذه الدنيا، و متاع زهيد يليق بالحياة الدنيا... {والآخرة عند ربك للمتقين} . .

 

ليست هناك تعليقات: