الاثنين، أغسطس 06، 2007

كيف نختار رئيس البلاد - الحاكم - الخليفة - الوالي؟؟؟

قرأت لكم من كتاب: مقدمة في فقه النظام السياسي الإسلامي - لمؤلفه محمد بن شاكر الشريف...

قد يرى بعض الناس أو أكثرهم ـ بفعل الدعاية الضخمة للنظام الديمقراطي ـ أننا يمكن أن نأخذ بطريقة الانتخاب في اختيار الصالح للإمامة.

ومجمل هذه الطريقة تقوم على:

1. أن يتقدم شخص واحد أو أكثر؛ إما بصفته الفردية، وإما عن طريق الأحزاب (حسب الأنظمة المعمول بها في كل بلد) طالباً من الناس اختياره ليكون رئيساً للدولة.

2. يقوم الطالب أو الطالبون للرئاسة (عن طريقهم وطريق أعوانهم) بالدعاية، وإظهار محاسنهم، وإبراز أخطاء الآخرين.

3. بعد فترة من بداية التقدم لطلب الرئاسة والدعاية لذلك؛ يتم الاختيار من قِبَل الشعب ممن له حق الاختيار، وهو كل مواطن بالغ عاقل (حسب شروط الانتخابات التي ينظمها القانون في كل بلد(

4. يفوز برئاسة الدولة وحكم الشعب فترة زمنية محددة من يحصل على أكبر عدد من المؤيدين؛ أي الأغلبية (سواء كانت الأغلبية النسبية أو الأغلبية المطلقة؛ حسب النظام الانتخابي في كل بلد(

هذه الطريقة قد تكون في مظهرها الخارجي طريقة منظمة، وقد يُخدع بها كثير من الناس، لكن هذه الطريقة غير مقبولة شرعاً؛ أولاً: لمخالفتها للأدلة الشرعية، وثانياً: لحصول مفاسد فيها تضيِّع الهدف منها؛ إذ ليس المطلوب الوحيد أن تكون الطريقة محددة منظمة، بل المطلوب الأكبر أن تكون مؤدية لتحقيق الغاية المرجوة منها من غير ترتب فساد عليها.

أولاً: مخالفة تلك الطريقة للأدلة الشرعية:
فقد وردت النصوص بالمنع من طلب الإمارة، ولو خالف المسلم وطلبها؛ فإن النصوص قد جاءت بعدم موافقته على ذلك، فالمنع جاء من جهتين؛ من جهة طلبها، ومن ناحية الموافقة لمن طلبها. وأما مخالفتها في تحديد من إليهم الاختيار؛ فهي تُدخل في ذلك رعايا الدولة كلهم بما فيهم من المسلمين، والفاسقين، والكفار، والرجال والنساء، وهذا مخالف لإجماع أهل العلم، فإن أهل الذمة (المواطنين الكفار) لا يدخلون في اختيار الخليفة، وكذلك إجماع أهل العلم على عدم دخول النساء في الاختيار. وهذا التحديد لأهل الاختيار في الطرق المعاصرة ناتج من طغيان الفكر الديمقراطي القائم على أن السيادة للشعب، وأن القانون ما هو إلا مظهر للإرادة الشعبية، وانطلاقاً من هذا الفكر يصبح كل مواطن في الدولة (مسلم أو كافر) له نصيب في السيادة، وبالتالي فإن حقه في اختيار الحاكم حق أصيل، وهذا التصور العلماني الذي تقوم عليه الديمقراطية مباين مباينة تامة لدين الإسلام، حيث التشريع فيه لله الواحد القهار، وعلى ذلك أدلة كثيرة جداً من الكتاب والسنّة.

ثانياً: اشتمال هذه الطريقة على المفسدة التي تذهب بالغاية منها:
ثم إن هذه الطريقة تشتمل على مفاسد كثيرة تُضيع الفائدة التي تُطلب تحققها، ومنها:

1. إمكانية تزوير الانتخابات في هذه الطريقة نظراً لاتساع رقعة الأرض وكثرة أعداد الناس الذين يحق لهم المشاركة في ذلك، وتنوع الحالات الإيمانية لهذه الأعداد الغفيرة من أقصى درجات قوة الإيمان إلى أضعف الدرجات.

2. إمكانية شراء الذمم المتبادلة بين الناخب وبين الطالب للمنصب، حيث تعقد بينهما صفقة بمقتضاها يمنح الناخبون موافقتهم له، وهو يعطيهم عند فوزه بالمنصب الامتيازات التي تم الاتفاق عليها، وقد تكون هذه الصفقة بين الطالب للمنصب وبين أفراد الناخبين، كما تكون بينه وبين دوائر انتخابية بكاملها، وفي هذه الحالة فإن إمكانيات الدولة تسخر لمصالح الأفراد الشخصية ـ وليس لمصالح الأمة ـ سواء كانوا طالبين للمنصب أو كانوا ناخبين.

3. وجود الدعايات الضخمة الكثيرة، والتي لا تخرج في أغلب الأحيان عن زخرف القول الباطل الذي يقلب الأمور رأساً على عقب فيصور الحق باطلاً والباطل حقاً، فلا يكون الاختيار في هذه الحالة اختياراً حقيقياً، وإنما هو اختيار موجَّه بحسب قوة الآلة الإعلامية لطالبي المناصب.

4. عزوف كثير من الناخبين عن المشاركة في الاختيار - كما تدل على ذلك الوقائع الكثيرة حتى في البلاد التي يقال عنها إنها مهد هذا النظام -؛ مما يجعل الاختيار غير معبِّر عن حقيقة رأي الجماعة، بل هو يعبِّر عن رأي المجموعة النشطة في هذا المجال، وهي التي لها مصلحة مباشرة في هذا الأمر، أو تريد الحصول على مصلحة مباشرة منه.

5. نظراً للدور الكبير الذي تقوم به الآلة الإعلانية في هذا المجال، وما يترتب على ما تزينه الدعاية من فوز أشخاص وإخفاق آخرين، فإنه تكون نتيجة لذلك تكلفة مالية ضخمة تفوق في أغلب الأحيان القدرة المالية لطالب المنصب؛ مما يدفعه بعد الحصول على المنصب إلى تعويض ذلك بكل طريق ممكن.

6. كل طالب للمنصب له فريق معاون يعمل معه ليل نهار، وفي حالة الفوز فإن طالب المنصب يعمل على مكافأة هذا الفريق بما تتيحه له صلاحياته أو قدرته على التدخل والتأثير في الأمور.

7. عزوف كثير من العناصر الجيدة والفاضلة عن المشاركة في مثل ذلك؛ لما ترى من الفساد وضياع الهيبة والمروءة في ذلك؛ مما يترتب عليه حرمان الأمة من العناصر التي هي في حاجة إليها، بينما يتقدم من ليس فيهم كبير غناء.

والنظام الإسلامي ـ بحمد الله تعالى ـ منزه عن كل هذه المخالفات والعيوب، حيث لا يسمح فيه للناس بطلب المناصب، وإنما يرشحهم لذلك أهل الحل والعقد، وهم من أفاضل الناس ومن المشهود لهم بالعلم والصلاح والمكانة الأدبية بين الناس؛ لذا فإنه ينتفي في حقهم ما لا ينتفي في حق الآخرين، وكل ما يوجد من خطأ في حقهم؛ فهو في غيرهم أضعاف مضاعفة، وكل ما عند غيرهم من خير؛ فهو فيهم أضعاف مضاعفة

طريقة عملية لاختيار الخليفة/الحاكم:

المرحلة الأولى: تقوم جماعة من هيئة الحل و العقد (وهم العلماء والقضاة والدعاة) بتصفح أحوال الناس واختيار عدد )وليكن اثني عشر رجلاً) ممن يصلحون للخلافة ممن تتوافر فيهم الشروط المطلوبة.

المرحلة الثانية: يعقد اجتماع موسع لمؤسسة أهل الحل والعقد، ويعرض عليهم المرشحون، مع بيان مسوِّغات ترشيح كل واحد ومؤهلاته التي أهلته (وفق نظام محدد من قِبَل المؤسسة. (

المرحلة الثالثة: تتم المداولات والمشاورات لمدة لا تزيد عن ثلاثة أيام في جو من السرية لاختيار أحد هؤلاء المرشحين، ويبايعه الجميع بالخلافة البيعة الخاصة، ثم يُعلن للناس للبيعة العامة، وإذا حدث خلاف بين الأعضاء ولم يتفقوا على شخص واحد؛ كان الترجيح في ذلك بالأكثرية؛ إذ لا مرجح في هذه الحالة غير ذلك، وهو أمر معتد به شرعاً إذا لم يكن مرجح غيره.

وهذه تمثل خطوطاً عامة، وفيما رُوي من تفاصيل تعيين عمر ـ رضي الله عنه ـ للستة وما حدث بعد ذلك حتى تمت البيعة لعثمان؛ ثروة ضخمة في هذا المجال يمكن الاستفادة منها في إيجاد تفصيلات كثيرة متعلقة بهذا الشأن، وهي تمثِّل تفصيلات مفيدة قابلة للتحقيق في عصرنا الحاضر؛ إضافة إلى أنها من داخل المنظومة الإسلامية.

و هذه الطريقة الشرعية كفيلة بأن تأتي بأفضل الناس علماً وديناً وكفاءة وقدرة على العطاء والتحمل.

هناك 12 تعليقًا:

غير معرف يقول...

في الحقيقة ما يثير تساؤلي و تعجبي في كثير من الأحيان هو كيف ينكر أئمة علماء المسلمين أنهم يدعون إلى إمامة الفقيه و في نفس الوقت يدعون لمثل تلك الأفكار التي تتناولها بعض الكتب كالتي أشرت إليها مشكوراً في موضوعك........

أولاً تجدهم يأخذون الصورة العمرية للبيعة كمثال و نموذج في حين أن أبو بكر لم يفعلها ولا فعلها الرسول الكريم و الصحابة مما يدلل على انعدام الأدلة الشرعية....

فنجد الرسول صلعم قد انتقل للرفيق الأعلى دون أن يترك آلية لانتقال الحكم من بعده و نجد أيضاً الصحابة يتجادلون في سقيفة بني ساعدة على من يلي الأمر بطريقة أقرب إلى الدعاية المعاصرة و لكن بصبغة يغلب عليها القيم الدينية

ثم يذكر الكاتب كما ذكر كاتب الدونة مشكوراً مساوىء الديمقراطية متأثراً بما يحدث في بلادنا العربية و له الحق في ذلك و يعتبرها مشاكل عامة و هو ما يضع النقاش في جانب الانحياز لفكرته التي يتصورها في تداول السلطة

ثم إنه بعد ذلك يصف لنا طريقة تسليم الأمر لأهل الحل و العقد ليختاروا الأصلح و هنا تكمن القنبلة الموقوته

فمن هم أهل الحل و العقد, و من أي الطوائف الإسلامية لو افترضنا تعميم الحال على دول غير مصر متنوعة المذاهب, و هل يختارهم الناس أم السلطة أم طلبة العلم أم غيرهم

و هل هي صورة مخففة لولاية الفقيه التي ينكرها لاعلماء أنفسهم أم لا

و ماذا يحدث لو رفض الناس بيعة كل من يختارهم أولي الحل و العقد فمن له الكلمة الفصل

و ما المفاسد التي ستعود علينا من محاولات إفساد لهؤلاء الرجال و مفاتن من عرض الدنيا بعد أن كانوا للعلم رجالاً

ثم أن علماء كالشيخ محمد عبده مثلاً يرى أنه لا وجود لمؤسسة دينية في الاسلام من الأساس و على ذلك لا يرى دوراً شرعياً لمؤسسة كالأزهر و لا دار الإفتاء لأنهما يمثلان تسلط رجال الدين على الدين و جعله عرضة لأهوائم و أهواء من ولاهم فكيف و الحال هنا بأمر الولاية الكبرى

أضف على كل ما سبق أنه و منذ العهد الأموي كان الخلفاء يرسلون لأمراء الأقاليم ليأتوا لهم بالبيعة من كبار التجار و العلماء و شيوخ العشائر و القبائل و لم يقتصر الأمر على العلماء و لم نرى من علماء الأمة من الأوائل من عارض أو ناقش هذا الأمر من الأساس بل و اعتبر الجميع أن المسألة لا تعدوا أنها شأناً من التنظيمية و ليست من الإسلام في شيء و إلا لما فعل كل خليفة من الرشادين الأربعة فعلاً غير الذي سبقه و لم يقتدوا بالرسوا الأعظم عندما مات و ترك الأمر لهم ليتشاوروا ماذا هم فاعلون

ما أقصده أن الفكرة قد تكون محل نقاش و اجتهاد لكنها ليست من الإسلام و لا أدلة شرعية على صحتها و لا على صحة ما سواها إنما يقتصر الأمر على اجتهاد كل صاحب رأي من رجال دين و غيرهم لأنه في الأساس لا يوجد شيء يسمى أصحاب الحل و العقد في الإسلام إنما كل مسلم مسؤول أمام الله بلا وسيط و لا شفاعة من عالم

محمد عبد المنعم يقول...

أهلا بيك يا أخ تامر صديقا جديدا للبرنامج .. قصدي للمدونة
أشكرك على المشاركة و على محاولة تقصي الحقيقة
و لكن عندي سؤال: هل أنت متخصص في العلوم الشرعية؟ أم متخصص في العلوم السياسية؟
أنا هارد على بعض أهم النقاط في تعليقك و التي هي مرتبطة بموضوع إمارة الفقيه بحسب تعبيرك و موضوع أهل الحل و العقد و موضوع كيفية اختيار الرئيس
و أستأذنك عند الكلام عن النبي قل صلى الله عليه وسلم كاملة مش مختصرة – مش هاتخس 4 ثواني من وقتك
و أستأذنك عند الرد على العلماء بقولك (مما يدلل على انعدام الأدلة الشرعية) مثلا أن تكون فعلا باحثا أو متخصصا أو عالما حتى تجزم بكل هذه الثقة بانعدام أدلة علماء كبار في مسألة ما.
الردود أدناه فيها اقتباس و اختصار و تصرف ....
بالنسبة لإمارة الفقيه أو ولاية الفقيه:
يعرف المبدأ عند أهل السنة بمصطلح ولاية العلماء وهو المصطلح الذي يفضل استعماله، بدلا من مصطلح ولاية الفقيه الذي أشاعه الشيعة المعاصرون
ولاية العلماء في الدولة المسلمة
مما لا شك فيه أن السلطة العامة في المجتمع المسلم، بيد الحكومة التى تتكون على أساس القواعد والمبادئ التي قررتها الشريعة، ولا شك أن أصحاب هذه السلطة هم رؤساء الدولة المسلمة، من خلفاء وملوك وسلاطين وأمراء، حسب ما عرفوا به من مصطلحات في الفقه السياسى. وسلطة الحكومة الإسلامية وحكمها نافذ وسارعلى كافة الناس، وكلهم يدخل تحت سلطانها ويخضع لطاعتها.
فإذا كانت سلطة الحكومة الإسلامية بهذا العموم، حيث "لا يكون فوق يدها يد"، فما معنى ولاية العلماء في ظل الدولة الإسلامية؟ وما مدى سلطتهم مقارنة بسلطة الحكومة؟ ينبغي النظر في معنى ولاية العلماء في الدولة المسلمة، ومحاولة البحث عن مدى سلطتهم بجانب سلطة الحكومة.
هناك فروق مهمة بين ولاية العلماء وبين ولاية الحكام والأمراء. وتختلف العبارات في وصف هذه الفروق ولكن مبناها على أن ولاية الحكام قائمة على القوة والقدرة التي تقهر الناس وتجبرهم على الطاعة، أما ولاية العلماء فقائمة على البيان بالحجة والبرهان، وطاعة الناس لهم طاعة اختيارية وليست قهرية. فعن ابن تيمية في تعليقه على قول الله تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، قال: "وأولو الأمر أصحاب الأمر وذووه ؛ وهم الذين يأمرون الناس ؛ وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام. فلهذا كان أولوا الأمر صنفين : العلماء ؛ والأمراء. فإذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس". وفي نفس المعنى يقول الرازي في تفسير لفظ السلطان: " السلطان مشتق من التسليط، والعلماء سلاطين بسبب كمالهم في القوة العلمية، والملوك سلاطين بسبب ما معهم من القدرة والمكنة ". ويقول في موضع آخر: " الأنبياء عليهم السلام لهم صفتان: العلم والقدرة، أما العلماء، فهم نواب الأنبياء في العلم، وأما الملوك، فهم نواب الأنبياء في القدرة ".
ومع هذا الفرق الواضح بين طبيعة الولايتين، فإنهما يتداخلان فيما بينهما. فمن ناحية يدخل العلماء مثل بقية طوائف المجتمع تحت ولاية الحكام وسلطانهم، وعليهم طاعتهم فيما يأمرون به في أمور الحكم وشئون الدولة، ما دام موافقا للشرع. والأدلة على هذا مشهورة معروفة مما يغني عن ذكرها. ولكن من ناحية أخرى، يدخل الحكام تحت ولاية العلماء، ذلك أن واجب الحكام أن يحكموا وفق الشريعة الإسلامية، والعلماء هم المرجع في بيان الشريعة وتوضيح أحكامها، فكان الحكام من هذه الناحية داخلون تحت سلطان ولاية العلماء وخاضعون لطاعتهم فيما يبنينونه من الأحكام الشرعية. قال عبد الله بن المبارك وغيره من السلف: (صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس، قيل من هم؟ قال: الملوك والعلماء)."
نماذج من التاريخ الإسلامي (على عكس ما تذكر):
من المعروف أن المرحلة الأولى من التاريخ الإسلامي، وخاصة في عهد الخلفاء الراشدين، قد تميزت بخاصية فريدة، وهي اجتماع ولاية الحكم وولاية العلم، أوالسلطة السياسية والسلطة العلمية، وتوحدهما حتى لكأنهما سلطة واحدة. فالخلفاء الراشدون ونوابهم أمراء الأقطار، كانوا من العلم الشرعي في مكانة عالية، ولم يكن يتولى سلطة الحكم والإمارة إلا من كان عالما متمكنا، عارفا بالفقه الشرعي. ومن المعروف ايضا أن طريقة الحكم كانت تقوم على قاعدة الشورى، وكان من يستشارون هم رؤساء الناس وعلماءهم، فكان أهل الشورى هم أهل الرأي وأهل العلم.
وفي المرحلة الثانية بعد قيام الدولة الأموية، بدأت ولاية الحكام تنفصل عن ولاية العلماء تدريجيا. فمن ناحية لم يكن يتولى الحكومة والسلطة التنفيذية، من كان جامعا للشروط المعتبرة في ذلك، من العدالة والعلم المؤدي للإجتهاد في النوازل والأحكام، كما كانت الحال في عهود الإسلام الأولى. ولكن استمرت ولاية العلماء مهيمنة على شُعب كثيرة في حياة الناس، فقد كان القضاء والإفتاء والاجتهاد والتشريع للنوازل الجديدة بأيدي العلماء، واستمر الحكام في كثير من الأمور يخضعون لرأي العلماء وفتاواهم.
ثم تغيرت الحال وتبدلت إذ بدأ سلطان العلماء يضعف ويضمحل، ومثل ما أصاب الضعف الحكومة الإسلامية أصاب القصور والعجز ولاية العلماء. ولا شك أن ذلك حدث تدريجيا ولم يحدث فجأة، إذ استمر للعلماء دورهم حتى في أواخر عهود الدولة العثمانية. وبحلول العصر الحديث الذي سيطر فيه الغرب بجيوشه وقيمه وعلمانيته على المجتمع، انحسر سلطان العلماء وتأثيرهم، وانحصر في دوائر محدودة مثل المساجد ودور العبادة وبعض معاهد العلم، وقضاء الأحوال الشخصية، والإفتاء في المشكلات الخاصة. وإن كان لا شك أنه لم يخل زمان ولا بلد من بقية من العلماء حاولوا جهدهم القيام بمهمة الولاية الملقاة على عاتقهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ووجدوا أحيانا من بعض الحكام من مكن لهم وساعدهم على ذلك. ولعل من أهم أسباب ضعف ولاية العلماء انفصال العلم الشرعي عن واقع الحياة، وانفصاله عن العلوم الطبيعية والاجتماعية، وانحسار الإسلام عن أوجه الحياة العامة بسبب علمانية المجتمع.


وأما بالنسبة لكيفية اختيار الحاكم أو الرئيس فقد عرف التاريخ السياسي للخلافة الراشدة عدة طرق في اختيار الخلفاء الراشدين، وهي:
أ ـ الاختيار بواسطة أهل الاختيار (الحل والعقد): وهو أن يختار أهل الاختيار رجلاً ممن تتوفر فيه الشروط المطلوبة، وذلك بعد البحث وتقليب الآراء، ثم الاتفاق بعد التشاور فيما بينهم على الشخص المناسب ومن ثم مبايعته، ولا يضر ما يحدث من نقاش واختلاف في هذه الحالة في أول الأمر فذلك شيء لا بد منه، وإنما العبرة بالنهاية حتى يتفق أهل الاختيار، وقد حدث هذا في تولية أبي بكر رضي الله عنه، حيث اجتمع كبار الصحابة منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد بن عبادة، وبعد محاورات تخللتها بعض التباينات في وجهة النظر وقع الاتفاق على أبي بكر الصدِّيق ـ رضي الله عنه ـ وتمت بيعته، وهو والله حقيق بها، وكذلك كان الأمر في بيعة علي رضي الله عنه.
ب ـ الاستخلاف: وهو أن يحدد الخليفة العدل إذا حضرته مقدمات الوفاة شخصاً بعده للخلافة ممن تتوافر فيه شروطها، وممن يسرع الناس إلى قبوله وبيعته، وذلك بعد أن يستشير أهل الحل والعقد فيما رأى من ذلك، كما حدث ذلك في تولية عمر رضي الله عنه، حيث اختاره أبو بكر الصديق، وعمر هو عمر.. فضائله معروفة مشهورة، وهو أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أبي بكر، تتوفر فيه شروط الصلاح لمنصب الخليفة على أعلى درجاتها، ومع ذلك فإن أبا بكر - رضي الله عنه- لم يولِّه بمجرد ذلك، بل شاور في ذلك كبار الصحابة، واستمع لرأيهم، وقد أقر كل من استشارهم أبو بكر بفضل عمر - رضي الله عنه - وصلاحه لذلك، غير أن بعضهم أشار إلى ما في عمر من غلظة، وقد بيّن لهم أبو بكر - رضي الله عنه - أن عمر هو أفضل المسلمين الموجودين على الإطلاق، وأن شدته ستخفّ كثيراً بعد أن يصير الأمر إليه (وقد كان)، وعلى ذلك تمت البيعة لعمر رضي الله عنه.
ج ـ أن يجعل الخليفة الأمر بين جماعة ممن يستحقونها: وهو أن يحدِّد الخليفة العدل إذا حضرته مقدمات الوفاة عدداً من الأشخاص الذين تتوفر فيهم صفات الخليفة وممن لهم مكانة ومنزلة عند الناس؛ بحيث يسرعون إلى الموافقة على أيٍّ منهم ومبايعته، على أن يختاروا من بينهم واحداً للخلافة، كما فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ حين حضرته مقدمات الوفاة، حيث جعل الأمر في ستة أشخاص هم: عثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وهم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. وقد كان طلحة إذ ذاك غائباً، وعرض عليهم عبد الرحمن أن يخرج منها ويختار لهم منهم واحداً فرضوا، وقد اجتهد عبد الرحمن في ذلك، وأخذ يستشير في ذلك المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار وأمراء الأجناد، حتى يقول عبد الرحمن في ذلك: «إني قد نظرت في أمر الناس؛ فلم أرهم يعدلون بعثمان»، وحينئذ بايع عبد الرحمن عثمان بالخلافة، وبايعه المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون، قال النووي - رحمه الله -: «إن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضرته مقدمات الموت ـ وقبل ذلك ـ يجوز له الاستخلاف ويجوز له تركه، فإن تركه فقد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فقد اقتدى بأبي بكر، وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة، وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة، كما فعل عمر بالستة، وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة».
ففيما تقدم من الطرق السابقة نجد قاسماً مشتركاً بينها جميعاً، يتمثل في أمرين:
الأول: توافر شروط استحقاق الخلافة في الشخص المختار لذلك.
الثاني: موافقة أهل الاختيار (الحل والعقد) عليه.
وعلى ذلك فكل طريقة للاختيار يتحقق فيها هذان الأمران ـ من غير مخالفات شرعية ـ فهي طريق مقبول شرعاً، وليس يتحتم الأخذ بكل التفاصيل الواردة في الطرق السابقة دون غيرها مما يحقق الأمرين المشار إليهما، فقد كان يكفي في عصر الصحابة - رضي الله عنهم - مثلاً أن يدور عبد الرحمن بن عوف بنفسه على المهاجرين وأصحاب الفضل والسابقة في الإسلام من الأنصار وأمراء الأجناد؛ ليتعرف آراءهم فيمن يختارون ويقدمون، ويرون أنه أحق بالخلافة، لكن هذه الطريقة العملية التي اتبعها عبد الرحمن بن عـوف - رضـي الله عنه - وإن كانت محققة للمقصود في زمنه فليست واجبة وجوباً عاماً تشمل عموم الزمان والمكان؛ لأنه لم يأت نص يُلزم بها، وإن كانت اجتهاداً موفقاً ومسدداً من الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ في زمنه.

أما بالنسبة لسؤالك المستنكر من هم أهل الحل و العقد؟
فأهل الحل والعقد هم الجماعة من الناس الذين يُناط بهم اختيار الخليفة ومبايعته، وهو تدبير سياسي إسلامي غير مسبوق سواء في لفظه أو في وظيفته، قد استنبطه أهل العلم من السوابق التي جرت في خلافة الراشدين، فأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ قد عقد له البيعة كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، وعمر لما استخلفه أبو بكر استشار فيه كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، وعثمان لم يعقد له عبد الرحمن حتى دار على المهاجرين وأفاضل الأنصار وأمراء الجند الذين كانوا بالمدينة وأخذ موافقتهم عليه، وكذلك علي لما جاءه بعض الناس يريدون منه البيعة قال: «إن بيعتي لا تكون خفيّاً ولا تكون إلا على رضا المسلمين»، فبايعه الصحابة في المسجد، وبايعه طلحة والزبير وهما من العشرة المبشرين بالجنة.
ويطلق بعض أهل العلم على تلك الجماعة لفظ «أهل الاختيار»، كما يُطلق عليها أحياناً لفظ «أهل الشورى»، وأحياناً ثالثة «أهل الاختيار والعقد»، وينبغي أن تتوافر في هذه الجماعة شروط تؤهلهم وتعينهم على صواب الاختيار، وقد أجمل الماوردي هذه الشروط بقوله: «فأما أهل الاختيار؛ فالشروط المعتبرة فيهم ثلاثة:
أحدها: العدالة الجامعة لشروطها، والثاني: العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها، والثالث: الرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح، وبتدبير المصالح أقوم وأعرف».
وهذه الشروط هي بالنسبة إلى أهل الحل والعقد أنفسهم، وهناك شرط آخر منظور إليه من قِبَل المسلمين؛ وهو أن يكونوا ممن يسرع الناس إلى موافقتهم وقبول اختيارهم، وهذا يؤدي بنا إلى التعرف على مكانة هؤلاء في مجتمع الناس، وذلك أن الناس لا تسرع إلى موافقة وقبول اختيار إلا من تعلمه وتراه بارزاً مشهوراً مشاركاً في مصالح الناس، وعلى ذلك فإن أهل الحل والعقد ليسوا مجرد أُناس عاكفين على العلم والمعرفة منقطعين عن الناس وعن واقع الحياة، فإن هؤلاء أكثرهم مجهول بالنسبة لعموم الناس، فالخامل ـ وإن كان عالماً ـ الذي لا ذكر له ولا جهد في حركة المجتمع أنَّى ينتبه الناس له؟!
وأما العدد الذي تنعقد به بيعتهم؛ فليس لذلك حد معلوم؛ إذ لم يثبت بذلك نص، والمتيقن منه في ذلك أن حصول الإجماع ليس شرطاً في ذلك، كما أن الواحد والاثنين اللذين يعقدان مـن غــير مشـورة المســلمين لا يصلح ذلك منهما، وقد استعرض أبو المعالي الجويني كل الأقوال الواردة في ذلك، وخلص إلى القول: «فالوجه عندي في ذلك أن نعتبر في البيعة حصول مبلغ من الأتباع والأنصار والأشياع يحصل بهم شوكة ظاهرة ومنعة قاهرة»، وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «بعض أهل الكلام يقولون: إن الإمامة تنعقد ببيعة أربعة، كما قال بعضهم: تنعقد ببيعة اثنين، وقال بعضهم: تنعقد ببيعة واحد، فليست هذه أقوال أئمة السنّة، بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماماً حتى يوافقه أهل الشوكة عليها الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة، فإن المقصود من الإمامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان، فإذا بُويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماماً، فالإمامة ملك وسلطان، والملك لا يصير ملكاًًًً بموافقة واحد ولا اثنين ولا أربعة، إلا أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم، بحيث يصير ملكاً بذلك ... فمن قال إنه يصير إماماً بموافقة واحد أو اثنين أو أربعة وليسوا هم ذوي القدرة والشوكة فقد غلط، كما أن من ظن أن تخلف الواحد أو الاثنين أو العشرة يضر فقد غلط».
وإذا كانت وظيفة هذه الجماعة على ما هو مسطور في كتب الأحكام السلطانية، هو اختيار الإمام، فإنه من الممكن أن يضاف لها وظيفة أخرى تناسب ذلك أيضاً، لا سيما أن حدود الولايات وصلاحياتها يؤخذ من لفظ التولية والعرف والأحوال، وهذه الوظيفة المضافة لها تعلق بالإمامة، وقد دلت عليها النصوص الشرعية، وهي وظيفة المتابعة والمراقبة لأعمال الخليفة والجهاز التابع له؛ بغرض الحفاظ على التزام النظام السياسي بالشرع وعدم الخروج عليه، وهذه الوظيفة نجد أسانيدها الشرعية في الكثرة الكاثرة من أدلة القرآن والسنّة التي تطلب من المسلمين القيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا شك أن الحفاظ على شرعية النظام والتزامه من الأمور البالغة الأهمية، ولما كان أهل الاختيار بالوصف الذي ذكرناه عن أهل العلم؛ كان إضافة وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجانب السياسي إليهم من أنسب الأشياء.
ويصير مرادنا بأهل الحل والعقد: هم الجماعة من الناس الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة، وتكون وظيفتهم اختيار الخليفة، ثم المتابعة والمراقبة لالتزام النظام بالشريعة، واتخاذ الموقف الشرعي المناسب بناء على نتائج المتابعة والمراقبة، فيقوم أهل الحل والعقد في هذه الحالة بمهام «الحسبة» ولكن في الجانب السياسي. ولذلك قال إمام الحرمين ـ عندما تحدَّث عن موجبات عزل الخليفة ـ: «فإن قيل: فمن يخلعه؟ قلنا: الخلع إلى من إليه العقد».

غير معرف يقول...

العزيز محمد

سوف أحاول بقدر المستطاع تقفي خطواتك مع تقديري لسماحتك في الرد و سعة صدرك

أولاً دعني أتحفظ على الإجابة على سؤالك عن ماهية دراستي أو اهتمامي

ثانياً دعنا نجيب على سؤال محوري هنا هو هل يوجد للخلافة فقه؟:
الفقه هو العلم بالشيء و الفهم له, و قد جعله العرف خاصاً بعلم الشريعة و تخصيصاً بعلم الفروع منها ثم شاع استعماله في الوقت الحاضر في شتى العلوم, و لنستطيع القول بأنه يوجد فقه للخلافة فلا بد من أن يكون محدداً له أصول و له فروع و فيه استقصاء و فيه تطبيقات و لكن ذلك لم يحدث.

فالكتابة عن الخلافة كانت في الخقيقة تبريراً أكثر منها علماً و كانت تأييداً أكثر منها فقهاً و كانت مساندةً أكثر منها مباينة و كانت معاضدة أكثر منها مكاشفة.
و ليس أدل على ذلك من أن الماوردي حين وضع كتابه الأحكام السلطانية و الولايات الدينية - و الذي يعد أهم كتاب في بابه- لم ينشر في حياته و إنما أوصى بنشره بعد وفاته

ثم نأتي للشروط التي وضعها فقهاء الإسلام الأواثل من شروط للخليفة كقولهم بأن يكون مسلماً عاقلاً رشيداً إلى آخره لنصطدم بشرط كونه قرشياً لوجود حديث مسند في ذلك و هو ما يدفعنا لمنطق تبرير ما هو واقع مرة أخرى من كون الخلافة لم تخرج من قريش لقرون عدة و هو حديث أخذ به أغلب الفقاء و لو أنه كان صحيحاً لما جرؤ سعد بن عبادة على ترشيح نفسه للخلافة و هو من رفض بيعة أبي بكر إلى أن مات و هو الصحابي الجليل

ثم نجد من يرد على ذلك الحديث بحديث آخر مضمونه أنه لا مانع من أن يحكم المسلمين عبد حبشي أسود ( كأن رأسه زبيبة )

فسيف إنكار الحديث وارد على رقاب كل من الطرفين

ولا يقنع المتجادلون فيه بمنطق بسيط وواضح وهو أن القرآن لم يترك قاعدة في هذا الأمر ، والرسول لم يعرض لها من قريب أو بعيد وإلا لما حدث الخلاف والشقاق في اجتماع السقيفة ، ولما رفض على قبول تولية أبي بكر ومبايعته على اختلاف في الرواية بين رفضه المبايعة أياماً في أضعف الروايات ، وشهوراً حتى موت فاطمة في أغلبها ، بل إن أسلوب السقيفة لو كان هو الأصح ، لاتبعه أبو بكر نفسه وترك تولية من يليه إلى المسلمين أو أهل الحل والعقد منهم ، وهو ما لم يفعل حين أوصى لعمر بكتاب مغلق بايع عليه المسلمون قبيل وفاته دون أن يعلموا ما فيه ، وهو أيضاً مرة أخرى ما خالفه عمر في قصر الاختيار بين الستة المعروفين ، وهم على وعثمان وطلحة والزبير وابن عوف وسعد ، وهو ما اختلف عن أسلوب اختيار على ببيعة بعض الأمصار ، ومعاوية بحد السيف ، ويزيد بالوراثة .

أنت هنا أمام ستة أساليب مختلفة لاختيار الحاكم ، يرفض البعض تجاوزها ، ويختلفون في تفضيل أحدها على الآخر ، ويرى آخرون أن دلالتها الوحيدة أنه لا قاعدة ، وأن الإسلام السمح العادل ، لا يرفض أسلوب الاختيار بالانتخاب المباشر أو غير المباشر .

ولعلي لا أتحدث من فراغ ، بل أصدر عن واقع النظم الإسلامية المعاصرة في عالمنا الحديث ، فهناك بيعة أهل الحل والعقد ( المختارون ) في السعودية مع قصر الترشيح على أفراد الأسرة المالكة ، وهناك المبايعة على كتاب مغلق يكتبه الحاكم ويوصى فيه لمن يليه اشتقاقاً من أسلوب اختيار أبي بكر لعمر ، في السودان في عهد النميري، وهناك ولاية الفقيه في إيران ، وهناك اعتبار الموافقة في الإستفتاء على الشريعة الإسلامية موافقة ضمنية على الحاكم واختياراً له في الباكستان .

لقد أدرك بعض المخلصين من الدعاة أنهم يواجهون من ظروف المجتمعات الحديثة ما لم يواجهه السلف ، وأن الديموقراطية بمعناها الحديث ، وهو حكم الشعب بالشعب لا تتناقض مع جوهر الإسلام وأن اجتهادات المؤمنين بالديموقراطية ، والتي تمخضت عن أساليب الحكم النيابي ، والانتخابات المباشرة ، لا يمكن أن تصطدم بجوهر العدل في الدين الإسلامي ، وروح الحرية التي تشمل ويشملها ، ومن أمثالهم الأستاذ الكبير خالد محمد خالد والعالم الجليل محمد الغزالي

و أخيراً سأروي حادثة عن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما بدأ الخلاف يعصف بالخلافة و أرسل أمراء الجند له يخيرونه بين ثلاث

- إما الإقادة منه ( أي أن يعاقب على أخطائه شأنه شأن أي مسلم يخطئ ) ويستمر بعدها خليفة بعد إدراكه أنه لا خطأ دون عقاب.
- وإما أن يتبرأ من الإمارة ( أي أن يعتزل الخلافة بإرادته ) .
- وإما أن يرسلوا الأجناد وأهل المدينة لكي يتبرأوا من طاعته ( أي أن يعتزل الخلافة بإرادة الرعية ) .

فكان رده كما ورد في رسالته الأخيرة كما انتسخها بن سهيل ( وهم يخيرونني إحدى ثلاث إما يقيدونني بكل رجل أصبته خطأ صواباً غير متروك منه شئ ، وإما أعتزل الأمر فيؤمرون آخر غيري وإما يرسلون إلى من أطاعهم من الأجناد وأهل المدينة فيتبرأون من الذي جعل الله سبحانه لي عليهم من السمع والطاعة فقلت لهم أما إقادتي من نفسي فقد كان من قبلي خلفاء تخطئ وتصيب فلم يستقدمن أحد منهم وقد علمت إنما يريدون نفسي وأما أن أتبرأ من الإمارة فإن يكلبوني أحب إلى من أن أتبرأ من عمل الله عز وجل وخلافته وإما قولكم يرسلون إلى الأجناد وأهل المدينة فيتبرأون من طاعتي فلست عليكم بوكيل ولم أكن استكرهتهم من قبل على السمع والطاعة ولكن أتوها طائعين )

لقد أعلن عثمان أن نظام الحكم الإسلامي ( من وجهة نظره ) يستند إلى القواعد الآتية :
- خلافة مؤبدة
- لا مراجعة للحاكم ولا حساب أو عقاب أن أخطأ .
- لا يجوز للرعية أن تنزع البيعة منه أو تعزله ، ومجرد مبايعتها له مرة واحدة ، تعتبر مبايعة أبدية لا يجوز لأصحابها سحبها وإن رجعوا عنها أو طالبوا المبايع بالاعتزال

ولأن أحدا لا يقر ولا يتصور أن تكون هذه هي مبادئ الحكم في الإسلام ، يظل السؤال حائراً، هل هناك قاعدة بديلة ؟
أو نظام حكم واضح المعالم في الإسلام ؟

تحياتي

أمــانــى يقول...

جـزاك الله خـــيرآ
على هذا الموضوع القيم
منتظرين الجديد
تحياتى لحضرتك

محمد عبد المنعم يقول...

العزيز تامر
السلام عليكم و رحمة الله
أشكرك مجددا على لطفك و تقصيك الحقيقة و لا شيء إلا الحقيقة و أرجو أن أملك أعصابي و ماتنرفزش و أكون عند حسن ظنك :)
أولاً: تحفظك على سؤالي عن دراستك من حقك و لكن من حق العلم – أي علم – أن لا يخوض فيه إلا المتخصصون
لأن التخصص محترم – و المثال الواضح مثال الطبيب الذي لا يستطيع مراجعته إلا طبيب مثله
بل إن الطبيب المتخصص في مجال لا يستطيع أن يتكلم بكل ثقة و أحيانا لا يستطيع أن يتكلم أصلا في قضية يطرحها طبيب متخصص في مجال آخر!
ثانيا: دعنا بالفعل نجب على سؤالك: هل للخلافة فقه؟ تعال لنر...
الفقه هو العلم بالشيء و الفهم له كما تقول, و لكن ما معنى كلامك أنه (قد جعله العرف خاصاً بعلم الشريعة و تخصيصاً بعلم الفروع منها ثم شاع استعماله في الوقت الحاضر في شتى العلوم)؟
كلام غريب... ما دخل العرف في تسمية العلوم، ثم هل تعرف معنى مصطلح الشريعة؟! فاعلم إذا أن الدين الإسلامي ينقسم إلى عقيدة (و هي باختصار علم التوحيد و أصول العقيدة) و شريعة (و هي باختصار المعاملات و الأخلاق و أمور الدولة) و شعيرة (و هي باختصار العبادات)
و تقول (لتستطيع القول بأنه يوجد فقه للخلافة لا بد من أن يكون محدداً له أصول و له فروع و فيه استقصاء و فيه تطبيقات) و من قال إن ذلك لم يحدث؟
طيب.. ركز معايا و بهدوء – و يا ريت كمان تحاول معايا أن تتخيل أن الإسلام دين شامل لكن مناحي الحياة و حاول كمان تلغي من دماغك كل القيم التي غسل بها الغزو الفكري رؤوسنا – غسيل أدمغة بطيء و محكم و منظم و ساعده انتكاسنا و انزواؤنا و تضاؤلنا و ذعرنا و انبهارنا و جهلنا بما عندنا.... و ضعفنا عموما....:
العلوم الشرعية و الكتابات الإسلامية تنقسم إلى:
1. اللغة العربية و علومها (من نحو وصرف و بلاغة و شعر و نثر و أساليب و غيرها...)
2. القرآن الكريم و علومه (من تفسير و أسباب نزول و قراءات و غيرها...)
3. الحديث الشريف و علومه (من تخريج و جرح و تعديل و مصطلح و غيرها...)
4. العقيدة و علومها (من توحيد و مقارنة أديان و ملل و نحل و غيرها...)
5. فقه الأحكام و أصوله (من فقه أحكام العبادات و المعاملات و أصول فقه الأحكام و فقه مقارن و قواعد فقهية و غيرها...)
6. التاريخ الإسلامي (من قصص الأنبياء و سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم و تاريخ الدول و الفتوحات والخلافة الإسلامية عموما و السير و التراجم و غيرها...)
7. التربية و علومها (من سلوك و أخلاق و ما يتعلق بالأسرة المسلمة و غيرها...)
8. الزهد و المواعظ و الرقائـق
9. الدعوة و فقه الدعوة
10. الواقع المعاصر و فقهه (من دراسات في أحوال المسلمين و دراسات فقه الواقع و فقه الموقف و القضايا المعاصرة و غيرها...)
من ذلك تلاحظ أن ما تسميه فقه الخلافة هو في الحقيقة جزء من فقه الأحكام (العلم رقم 5) بل هو جزء من فقه المعاملات الذي هو بدوره جزء من فقه الأحكام
لكن العلماء الأفاضل جمعوا ذلك الجزء مع أجزاء من العلوم الشرعية الأخرى (لأنه قد انتشرت كثير من مباحثه و مسائله في بطون كتب التفسير و فقه الأحكام و التاريخ وشروح الحديث) و سموها السياسة الشرعية (يقول أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي: السياسة ما كان من الأفعال؛ بحيث يكون الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، وإن لم يشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نزل به وحي، ما لم يخالف ما نطق به الوحي) أو فقه النظام السياسي.
و الذي ينقسم ببساطة إلى (تدبير شئون الدولة الدستورية و المالية و التشريعية و القضائية و التنفيذية، سواء أكانت من شؤونها الداخلية أم علاقاتها الخارجية، و وضع قواعدها بما يتفق وأصول الشرع) من مثل هذه العناوين التي تجدها في كتب السياسة الشرعية القديمة و الحديثة؛ على سبيل المثال:
- أحكام الخلافة و ما يتعلق بها
- أحكام القضاء و ما يتعلق به (الحدود والحقوق التي ليست لقوم معينين وتسمى حدود الله كشرب الخمر، الحدود والحقوق التي لآدمي معين كالقصاص)
- التشريعات السياسية التي تسير بمقتضاها الدولة أو بالتعبير القديم (الأحكام السلطانية)، أو بالتعبير المعاصر (النظام السياسي)
- أنواع أداء الأمانات (الولايات و التنظيمات الإدارية، الأموال و التشريعات المالية كالغنائم و الصدقات و الفيء و مصارفها)
- علاقات الدولة الداخلية و الخارجية (كمسائل الحروب و السفارات و العلاقات الدولية وغيرها...)
و على هذا، تواجه السياسة الشرعية نوعين من المسائل:
أحدهما: جاءت فيه نصوص شرعية.
والثاني: لم تأت فيه نصوص بخصوصه.
والفقه في النوع الأول يكون عن طريق:
1. فهم النصوص الشرعية فهمًا جيدًا، ومعرفة ما دلت عليه، والتنبه للشروط الواجب توافرها في تطبيق الحكم والموانع التي تمنع من تنفيذه، ثم يلي ذلك تطبيق الحكم وتنفيذه.
2. التمييز بين النصوص التي جاءت تشريعًا عامًا يشمل الزمان كله، والمكان كله ـ وهذا هو الأصل في مجيء النصوص ـ، وبين النصوص التي جاءت الأحكام فيها معللة بعلة، أو مقيدة بصفة، أو التي راعت عرفًا موجودًا زمن التشريع، أو نحو ذلك.
والنوع الثاني من المسائل: وهو ما لم تأت فيه نصوص بخصوصه، فإن الفقه فيه يكون عن طريق الاجتهاد الذي تكون غايته تحقيق المصالح ودرء المفاسد، والاجتهاد هنا ليس لمجرد تحصيل ما يتوهم أنه مصلحة أو درء ما يتوهم أنه مفسدة، بل هو اجتهاد منضبط بضوابط الاجتهاد الصحيح، وذلك من خلال:
1. أن يجري ذلك الاجتهاد في تحقيق المصالح ودرء المفاسد في ضوء مقاصد الشريعة تحقيقًا لها وإبقاء عليها، والاجتهاد الذي يعود على المقاصد الشرعية أو بعضها بالإبطال هو اجتهاد فاسد مردود، وإن ظهر أنه يحقق مصلحة، أو يدرأ مفسدة.
2. عدم مخالفته لدليل من أدلة الشرع التفصيلية، إذ لا مصلحة حقيقية ـ وإن ظهرت ببادي الرأي ـ في مخالفة الأدلة الشرعية.
فنجد بذلك أن الكتابة عن الخلافة لم تكن في الحقيقة تبريراً بل علماً و لم تكن تأييداً بل فقهاً ...
قولك (و ليس أدل على ذلك من أن الماوردي حين وضع كتابه الأحكام السلطانية و الولايات الدينية - و الذي يعد أهم كتاب في بابه- لم ينشر في حياته و إنما أوصى بنشره بعد وفاته) طبعا إن كان حقا و حدث فعلا فإن ذلك لا يدل على ما تقول؛ لأنه ليس الكتاب الوحيد في هذا الشأن و ليس أهم كتاب في بابه و حتى و إن كان أهم كتاب فلا يدل عدم نشره في حياة الشيخ على شيء مما تتصوره على الإطلاق– و ظنك الغريب هذا لا يدل إلا على أنك تطعن بطريقة غير مباشرة في علماء أعلام!!!!!!!!!!!! هذا باعتبار أن الخبر أصلا صحيح

دعنا نر الآن يا تامر يا أخي الحبيب كيف أن كل الشبهات التي يطعن بها البعض بأن الشرع متناقض حاشا لله – شبهات متهافتة أمام أهل العلم و الإيمان
*السؤال: ما هو المقصود فيما يتعلق بالمقولة بأن الخليفة يجب أن يكون قرشيا، وكيف نجمع بين ذلك وبين الحديث الذي فيه "اسمعوا و أطيعوا و إن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة"؟.
الجواب:
الحمد لله
حديث (الأئمة من قريش...) حديث صحيح جاء من طرق كثيرة وهو الأصل في الإمام إمامة عظمى أن يكون قرشِيا، وهذا في حال اختيار الخليفة أما لو تغلـّب على الأمر وحَكَم الناس بالقوة وجب على الناس طاعته ، وحَرُم الخروج عليه ولو كان عبدا حبشيا كما جاء في الحديث . كما أن النصوص الشرعية دلت على أن ذلك التقديم الواجب للقرشيين في الإمامة مشروط بإقامتهم الدين وإطاعتهم للَّه ورسوله، فإن خالفوا أمر اللَّه فغيرهم ممن يطيع اللَّه تعالى وينفذ أوامره أولى منهم‏.‏
و به ـ أي بهذا الحديث ـ احتج أبو بكر و عمر يوم السقيفة، فقبله الصحابة وأجمعوا عليه، ولم ينكر ذلك منهم منكر , ولا قال أحد من الصحابة: إن غير أبى بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه، ولم ينازع أحد فى خلافته إلا بعض الأنصار طمعا أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير، وهذا مما ثبت بالنصوص المتواترة عن النبى صلى الله عليه وسلم بطلانه، ثم الأنصار جميعهم بايعوا أبا بكر إلا سعد بن عبادة لكونه هو الذى كان الذى يطلب الولاية.
و قام الناس جميعًا من المهاجرين و الأنصار و بايعوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه على الخلافة، في إجماع عجيب، ثم قام الصديق رضي الله عنه، و خطب خطبته المشهورة الرائعة، ثم بعد الانتهاء من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء الزبير بن العوام رضي الله عنه، و بايع أبا بكر الصديق، ثم جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه (كما روى ابن سعد و الحاكم و البيهقي) وبايع في هذا اليوم الثاني (وهذا هام جدًا؛ لأن كثيرا من الناس، وخاصة الشيعة يطعنون في بيعة علي للصديق رضي الله عنهما، ويصرون على أنها تأخرت ستة شهور كاملة بعد وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها)، ثم بعد أيام قليلة جاء سعد بن عبادة رضي الله عنه وبايع الصديق على الخلافة.
وأرجو منك الرجوع إلى كتب السيرة النبوية المعتمدة عند المؤرخين المسلمين من أهل السنة (المحققة حديثيا) و كتب السياسة الشرعية لتعرف بطلان زعمك بأن (الرسول لم يعرض لهذا الأمر من قريب أو بعيد) وأعود فأكرر لك إن لم تكن قد قرأت جيدا المقال السابق:
****++++عرف التاريخ السياسي للخلافة الراشدة عدة طرق في اختيار الخلفاء الراشدين، وهي:
أ ـ الاختيار بواسطة أهل الاختيار (الحل والعقد): وهو أن يختار أهل الاختيار رجلاً ممن تتوفر فيه الشروط المطلوبة، وذلك بعد البحث وتقليب الآراء، ثم الاتفاق بعد التشاور فيما بينهم على الشخص المناسب ومن ثم مبايعته، ولا يضر ما يحدث من نقاش واختلاف في هذه الحالة في أول الأمر فذلك شيء لا بد منه، وإنما العبرة بالنهاية حتى يتفق أهل الاختيار، وقد حدث هذا في تولية أبي بكر رضي الله عنه، حيث اجتمع كبار الصحابة منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد بن عبادة، وبعد محاورات تخللتها بعض التباينات في وجهة النظر وقع الاتفاق على أبي بكر الصدِّيق ـ رضي الله عنه ـ وتمت بيعته، وهو والله حقيق بها، وكذلك كان الأمر في بيعة علي رضي الله عنه.
ب ـ الاستخلاف: وهو أن يحدد الخليفة العدل إذا حضرته مقدمات الوفاة شخصاً بعده للخلافة ممن تتوافر فيه شروطها، وممن يسرع الناس إلى قبوله وبيعته، وذلك بعد أن يستشير أهل الحل والعقد فيما رأى من ذلك، كما حدث ذلك في تولية عمر رضي الله عنه، حيث اختاره أبو بكر الصديق، وعمر هو عمر.. فضائله معروفة مشهورة، وهو أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أبي بكر، تتوفر فيه شروط الصلاح لمنصب الخليفة على أعلى درجاتها، ومع ذلك فإن أبا بكر - رضي الله عنه- لم يولِّه بمجرد ذلك، بل شاور في ذلك كبار الصحابة، واستمع لرأيهم، وقد أقر كل من استشارهم أبو بكر بفضل عمر - رضي الله عنه - وصلاحه لذلك، غير أن بعضهم أشار إلى ما في عمر من غلظة، وقد بيّن لهم أبو بكر - رضي الله عنه - أن عمر هو أفضل المسلمين الموجودين على الإطلاق، وأن شدته ستخفّ كثيراً بعد أن يصير الأمر إليه (وقد كان)، وعلى ذلك تمت البيعة لعمر رضي الله عنه.
ج ـ أن يجعل الخليفة الأمر بين جماعة ممن يستحقونها: وهو أن يحدِّد الخليفة العدل إذا حضرته مقدمات الوفاة عدداً من الأشخاص الذين تتوفر فيهم صفات الخليفة وممن لهم مكانة ومنزلة عند الناس؛ بحيث يسرعون إلى الموافقة على أيٍّ منهم ومبايعته، على أن يختاروا من بينهم واحداً للخلافة، كما فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ حين حضرته مقدمات الوفاة، حيث جعل الأمر في ستة أشخاص هم: عثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وهم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. وقد كان طلحة إذ ذاك غائباً، وعرض عليهم عبد الرحمن أن يخرج منها ويختار لهم منهم واحداً فرضوا، وقد اجتهد عبد الرحمن في ذلك، وأخذ يستشير في ذلك المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار وأمراء الأجناد، حتى يقول عبد الرحمن في ذلك: «إني قد نظرت في أمر الناس؛ فلم أرهم يعدلون بعثمان»، وحينئذ بايع عبد الرحمن عثمان بالخلافة، وبايعه المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون، قال النووي - رحمه الله -: «إن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضرته مقدمات الموت ـ وقبل ذلك ـ يجوز له الاستخلاف ويجوز له تركه، فإن تركه فقد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فقد اقتدى بأبي بكر، وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة، وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة، كما فعل عمر بالستة، وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة».
ففيما تقدم من الطرق السابقة نجد قاسماً مشتركاً بينها جميعاً، يتمثل في أمرين:
الأول: توافر شروط استحقاق الخلافة في الشخص المختار لذلك.
الثاني: موافقة أهل الاختيار (الحل والعقد) عليه. ++++****
و بالتالي نحن لسنا أمام ستة أساليب مختلفة كما تقول، نحن مرجعيتنا ما فعله الخلفاء الراشدون دون غيرهم، و حالة أخرى هي حالة القهر على السلطة كما دلت النصوص الشرعية – في هذه الحالة كما تقدم يجب أيضا السمع و الطاعة لحفظ النظام و حقن الدماء و غير ذلك مما تفصيله في الكتب فاقرأ...
أما عن واقع النظم التي ينفذها مسلمون في واقعنا المعاصر في عالمنا الحديث فهي ليست مرجعيتنا لأن الأساس و المرجعية هو الشرع، و الشرع هو ما حصل و تقرر في زمن النبي و الخلفاء الراشدين كما نعلم
فليست طريقة السعودية و لا النميري و لا باكستان مقدمة على فعل أبي بكر و عمر و عثمان و علي و هم أفضل من فهم عن النبي و أفهم بشرع الله عز و جل من كل من جاء بعدهم....!!!!!!!!!!!
أما المخلصون من الدعاة الذين (أدركوا أنهم يواجهون من ظروف المجتمعات الحديثة ما لم يواجهه السلف، وأن الديموقراطية بمعناها الحديث، وهو حكم الشعب بالشعب لا تتناقض مع جوهر الإسلام وأن اجتهادات المؤمنين بالديموقراطية، والتي تمخضت عن أساليب الحكم النيابي، والانتخابات المباشرة، لا يمكن أن تصطدم بجوهر العدل في الدين الإسلامي، وروح الحرية التي تشمله و يشملها، ومن أمثالهم الأستاذ الكبير خالد محمد خالد والعالم الجليل محمد الغزالي)
هؤلاء على جلالتهم و عظم قدرهم عندي و عند المسلمين جميعا ليسوا فقهاء – إنما هم دعاة، الفقيه هو الذي يرجع إليه في هذا التخصص الدقيق – لأن التخصص محترم كما قلنا سابقا
ثم من قال أن مشكلة الديمقراطية هو تناقضها مع العدل و الحرية لكي تقول أنت أنها لا تتناقض مع جوهر الإسلام فيهما؟ المشكلة الحقيقية هي قضايا أخرى في الديمقراطية تناقض الإسلام أستعرض بعضها هنا فتدبر:
السلطة يناظرها في الشرع لفظ (الولاية)، فالسلطة القضائية يناظرها: ولاية القضاء، و السلطة التنفيذية يناظرها: الخلافة و ما يتفرع عنها من ولايات، و ليس في الإسلام سلطة تشريعية أي ولاية تشريعية، و بإخراج التشريع من البشر يُحافظ فعلاً على حقوق الشعوب و حرياته، فمهما كان التشريع الوضعي محققاً للإرادة الشعبية؛ فهو لم يخرج عن أن جعل الناس عبيداً لمن وضع هذا التشريع، و أما التشريع في الإسلام فهو لله ربِّ العالمين، يحكم في خلقه بما يشاء، فهو خالقهم و رازقهم، و هو يحييهم و يميتهم و يحاسبهم، و لذلك فهو الذي يُشرّع لهم.
في حين استقر الفكر الديمقراطي على الإقرار بأن الشعب صاحب المرجعية العليا، و أن إرادته هي القانون، وقد عبَّروا عن ذلك بقولهم: (السيادة للشعب)، والسيادة: سلطة عليا مطلقة بلا ند و لا شريك، متفردة بإنشاء الإلزام أمراً و نهياً و تصحيحاً و إبطالاً و عقوبة؛ في كل أمور المجتمع، فالشعب هو الذي يشرِّع القوانين عن طريق السلطة التشريعية، وهو الذي ينفذها عن طريق السلطة التنفيذية، وهو الذي يقضي ويعاقب الخارجين عن تشريعاته عن طريق السلطة القضائية.
نأتي أخيرا إلى الطامة والمصيبة التي ختمت بها مقالك ... و هو قدحك و ذمك و تعريضك بسيدنا عثمان رضوان الله عليه!!!!!!!!!!!!
و أنا سأفترض أنك لا تعني الطعن و أنك مغرر بك، و أحذرك من تتبع تاريخ الفتن و محاولة التذاكي و الاستنباطات التي تظنون بها أنكم أحكم و أبعد نظرا و أقوى موقفا من الأفاضل المعاصرين للفتنة، لأن هذا كله لا فائدة منه سوى مزيد من الطعن في الإسلام و أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ مما يصب في مصلحة أعداء المسلمين، الذين يتلذذون بمثل هذه المواقف العصيـبة التي يفسرها غير المتخصصين من المعاصرين تفسيرات أبعد ما يكون عن الحق، و لكن لي نصائح:
1- تأكد من صحة الرواية – أي رواية عموما من التي تستشهد بها - أولا
2- ثانيا تأكد من معنى الخبر (الصحيح الذي تأكدت من صحته من كتب تخريج الآثار، هذا طبعا إن كنت تتقصى الحقيقة!) و ظروف حدوثه و ملابسات الموقف و ما قبل الموقف – و ذلك من الكتب التاريخية المحققة و كتب العقيدة التي تحترم الصحابة و تتورع عن الخوض فيهم و تعرف لهم فضلهم و مكانتهم و تعرف كيف تفسر اجتهاداتهم على محمل صحيح
3- ثالثا حاول أن تتعود على الأدب في أي خبر يرد عن صحابي، و لا تظنن لحظة أنك يمكن أن تقارن إيمانك إلى إيمانهم و لا فقهك إلى فقههم – لأنهم تربية محمد رسول الله و لأن الله تعالى رضي عنهم و رسوله
4- خذ مثالا على التعليقات المؤدبة (....هذا كتاب طويل كتبه عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ، وقرأه ابن عباس على أهل مكة في موسم الحج‏.‏ وقد استشهد بكثير من آيات القرآن الكريم لأنه كان يحفظ القرآن، ويكثر من تلاوته ويتعبَّد به‏.‏ وهذه الآيات التي استشهد بها كان غرضه من إيرادها حض المؤمنين على طاعة اللَّه والاعتصام بحبله، والتخويف من عذاب اللَّه وعاقبة نقض الأيمان بعد توكيدها، ووجوب طاعة اللَّه والرسول وأولي الأمر ولزوم الجماعة والتحذير من الاختلاف والتفريق‏.‏
ثم أمر بإقامة الحدود و رد المظالم و شكا إليهم ما يلقاه من الحصر و منع الماء والزاد عنه وقال‏:‏ إنه لا يعتزل و لا يتخلى عن واجبه، و لم يكره أحدًا على اختياره خليفة، بل اختاروه طائعين، و ذكر أنه تجنب سفك الدماء و الشقاق‏.‏ ثم تاب إلى اللَّه واستغفره و لم يبرئ نفسه، فإن النفس أمارة بالسوء و سأل اللَّه أن يؤلف بين قلوب الأمة‏.‏
إلا أن هذا الكتاب لم يأت بالغرض الذي رمى إليه عثمان من تحريره وتلاوته، لأن المحاصرين كانوا قد شددوا عليه الحصار فإن ابن عباس لما عاد إلى المدينة بعد تأدية فريضة الحج وجد عثمان قد قتل‏.‏...)
و ما أطلبه منك كنصيحة صادقة أن تحاول أن لا تنقل معلوماتك من مدونات و منتديات (التي أعرفها جيدا و أعرف أنها تصف نفسها بحرية الفكر و ما إلى ذلك و تهاجم المطالبين بتحكيم الشرع بنفس الأمثلة المتهاوية التي استخدمتها أنت تماما و سوف تستخدم بقيتها في ردودك التالية!) بل تعلم أن تقرأ في الكتب المتخصصة في كل علم و أن تتحقق من صحة الأحاديث و الأخبار التي تستشهد بها و أن لا تستسلم للشبهات المغرضة التي تستهدف هدم الإسلام و إيهام التعارض و التناقض و القصور في دين الله الحكيم
و حسبنا الله و نعم الوكيل
بريدي الإلكتروني هو
maas_80@hotmail.com
برجاء عدم التعليق إذا كان هدفك مجرد الجدال فلكم أبغض كثرة الجدال!

غير معرف يقول...

أشكرك على سعة صدرك و يكفيني من النقاش هذا القدر

تحياتي

أمــانــى يقول...

ليكم تاج عندى لأعضاء الخزعبلات

محمد عبد المنعم يقول...

أهلا بك يا أخ تامر و أشكرك على إتاحة الفرصة لي للتحاور مع شخصية موضوعية مثلك
و أرجو من الله تعالى أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه
---
و أشكرك يا أخت أماني على متابعتك الهادئة و أقدر لك اهتمامك
سؤال يا فريد: إزاي أجاوب على التاج؟

عصفور المدينة يقول...

السلام عليكم شكرا على الموضوع وحقيقة الموضوع كان يستحق المزيد من الدراسة ولإيضاح وهذا ما تسبب في طول التعليقات
والمداولات والتي تستحق أن يتم تقسيمها على عدة تدوينات
ورأيي أن يتم التركيز على موضوع أهل الحل والعقد ومواصفاتهم وصناعتهم وهو ما أحاول أن أوضحه بالتدرج
وعنئذ وعند وجود هؤلاء وعند حدوث نازلة اختيار الحاكم سوف تكون الأمور بشكل شبه تلقائي في أيدي هؤلاء حسب مواصفاتهم المذكورة

لي سؤال بقى هو احنا نعرف بعض؟
أنا خريج هندسة اسكندرية
ومادعا إلى اعتقاد أن هذه الطريقة هي ولاية للفقيه هو غموض مفهوم أهل الحل والعقد

أرجو

محمد عبد المنعم يقول...

السلام عليكم سيدي عصفور المدينة
أنا فخور بتعليقك جدا
و أنت من أنت في عالم التدوين النظيف بل و الهادف بل و الإسلامي الأصولي إن جاز لنا التعبير

بالتأكيد أنا أعترف أن الموضوع جاء دون تمهيد حقيقي يناسب عظم خطره

و لكن بالرغم من أنه لا بد من فتح هذا الموضوع بشيء من الوضوح و التدرج بالفعل
إلا أن الاستفزاز الذي يفتحون به مثل هذه المسائل بالسطحية العجيبة التي يظنونها عقلانية - تدعو إلى رد فعل أشبه بالصدمة الإعلامية - مما سيؤدي بهم إلى ردود أفعال مضادة ضعيفة إعلاميا كالعادة - و مع المزيد من التوضيح الموضوعي و الذي يتناول افتراءاتهم و شبهاتهم واحدة تلو الأخرى - أظن ساعتها أن شمس الحق ستبدد ظلام باطلهم شيئا فشيئا

مع التأكيد على أني سأتبع نصيحتك في أن أبدأ في تقسيم الموضوع من بدايته على عدة تدوينات

أعذرني لأني حديث عهد بالتدوين

و لي الشرف أن أكون من معارفك - لكن أنا مهندس اتصالات خريج هندسة عين شمس - إلا أني و لظروف عملي أستقر الآن بالإسكندرية لعام أو أكثر و الله أعلم

أرجو أن تعتبرني أخا و يسعدني جدا أن نتعارف في الله بل و نتزاور

أو إن شئت عرفتك في أي درس علم شرعي في أي مسجد بالإسكندرية

جزاك الله خيرا عن عالم التدوين
و بارك فيك و أكثر من أمثالك

عصفور المدينة يقول...

أخي الحبيب حصل تشابه أسماء بينك وبين مهندس مدني زميل
أخي يمكننا التواصل عبر الإيميل وإيميلي موجود في البروفايل ومكن إضافتي لو بتستخدم
facebook

وبخصوص المدرسة
لو أحببت المشاركة رجاء إخباري مع اقتراح الكتاب الذي أنت مستعد لشرحه
والبداية معنا
كتاب العمدة

وكتاب العقيدة هو

عقيدة أهل السنة والجماعة
للشيخ بن عثيمين

مدرسة العلوم الشرعية المبسطة

غير معرف يقول...

السلام عليكم
عايز أرد عليك نقطنقطة وياريت برده تبقى انت ترد عليا نقطة نقطة

انت بتقول إن الديمقراطية حرام لانها طلب للولاية ، وبعدين قولت إن النظام الإسلامى -اللى انت عايزه- المفروض ان اهل الحل والعقد هما اللى يختاره الخليفة وطبعا ممكن واحد فيهم يشيل نفسه من الموضوع ويقول انه مش عايز يبقى خليفة زى ما سيدنا عبدالرحمن بن عوف عمل بعد موت الفاروق



لو فيه نظام ديمقراطى بجد يبقى نفس اللى انت بتقولة دا هيحصل بس بإسلوب مختلف لان الزمن اتغيير وعدد الناس كبر واللى كان بيحصل من الف سنة ممكن يتغير مدام مابيخالفش الدين

مجلس الشعب - اللى هو اهل الحل وعقد عندنا دلوقتى - بيحط شروط للناس اللى تتقدم للرئاسة ودى مافيهاش حاجه طبعا
ومعنى كدا إن كل الناس اللى فى مصر وتنطبق عليهم الشروط المجلس إختارهم علشان الناس تختار منهم واحد
فيه ناس منهم بتروح تقدم ورقها معنى كدا انها وافقت انها تبقى خليفة ومستنية رأى الشعب وواللى مارحش فدا شايف انه مش هينفع يبقى رئيس - هنا انا بتكلم عن النظرية كنظرية مش الواقع -
يبقى كدا مافيش حاجه اسمها دلوقتى طلب ولاية لان الظروف اتغييرت وبقت وظيفة مش إماره




انت بتقول ان الناسء مالهمش حق الاختيار وإن فيه إجماع على كدا
دا طبعا شيىء غريب عجيب انك تقوى كدا
اولا مافيش إجماع على كدا لان ابن جرير الطبرى قالك ان المرأه كاملة الأهلية و ودا يوقع كل كلامك ويوقع فكرة الإجماع نفسها






بالنسبة بقى لحكاية غير المسلمين مايشتركوش فى الاختيار
قوللى بقى ازاى دا؟؟؟
اذا كان فى عصر الدولة العباسية كان فيه وزراء -اداريين- وكانوا نصارى
يبقى بالعقل كدا اذا كان بقى وزير يبقى مش هيبقى ليه حق ادلاء صوتة ؟؟؟
بالعكل يعنى



بالنسبة بقى لحكاية إشتمالها على مفاسد
- حكاية التزوير دى برده ممكن تحصل فى النظام الاسلامى اللى انت بتقول عليه ايه المشكلة لما اهل الحل والعقد دول يطلع فيهم اتنين تلاته زمتهم واسعه؟؟؟

- حكاية الدعاية : شيىء طبيعى ان كل واحد بيعرض افكارة ودا طبيعى جدا انك تستغل كل الوسائل علشان توصل برنامجك لان دا واجبك اساسا لما تلاقى حاجه مش عجباك انك تحاول تصلحها

-حكاية عزوف الناخبين : دا بقى مش فاهم ايه علاقتة بالموضوع يعنى الديمقراطية بتقول للناس ماترحوش تنتخبوا؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مش فاهم انا دا علاقته ايه بالموضوع ؟؟؟


- حكاية بقى ان المرشح هيحاول يعوض دا بكافة الطرق فاحنا كدا بنفتش فى زمم الناس بص حبيبى احنا فيه حاجه جديده حلوة اوى اسمها آليات منع الكسب غير المشروع بتحط وبتعمل حاجات معينة بتمنع الكلام اللى بتقول عليه وحتى لو وافقتك على كلامك فدا برده هيحصل لما نفذ اللى انت بتقولة عندك مثلا فى التاريخ الاسلامى ناس ياما كانوا اغنية جدا حتى إقرا سيرة سيدنا أبو زر الغفارى رضى الله عنه

- حكاية بقى المعونين دى غريبه جدا احنا كدا عملنا زى اللى بيقول ان سيدنا عثمان عين قرايبة علشان مصلحتة



- حكاية بعد الناس الكويسين دى حاجه أغرب انت كدا بدافع عن السلبية اذا كان الامر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب على الجميع يبقى بالعقل كدا لما الناس الكويسين يبعدوا عن السياسة يبقى مين اللى غلطان هما ولا الديمقراطية؟؟؟؟؟


آخر حاجه ان اللى حصل من سيدنا عمرو بن الخطاب شيىء غير ملزم دى مجرد آلية هو إستخدمها والواقع على مدار التاريخ الاسلامى ان فيه حاجات كتير جدا اتغيرت سيدنا عمر غير نظام الدولة ودخل الوزارات وسيدنا عثمان عمل أسطول بحرى رغم ان سيدنا عمر ماكنش موافق علشان كان خايف على المسلمين


حاجه أخير
فيه مجلدات حلوة جدا اسمها فتاوى معاصر ه للشيخ القرضاوى إبقى شوف فيها هتلاقى كلام حلو جدا عن الديمقراطية ككجوهر